مقالات مرتبطة
لم تلبث أحداث أول من أمس أن تقع، أثناء زيارة وزير الخارجية جبران باسيل إلى كفرمتى، حتى انطلقت موجة التغريدات والتعليقات «العطِشة للحرب الأهليّة». صور «بوسطة عين الرمانة» لم تكن الوحيدة. وسمها المغرّدون بعبارة «راجعة»، كأنها تمنٍّ، أو حدث يقين، أو حتى احتقان لسنواتٍ خلت. لم تهدأ الشعارات التي أطلقها الحزبيون بالتهديد والوعيد. باسترجاع أيام الحرب الدمويّة. زمن الميليشيات والكنتونات المغلقة. وعلى الرغم من أنّ جزءاً بسيطاً منها كان من باب المزاح، فهو يشي بـ «لاوعي» دفين، يرفض التخلّي عن تلك الحقبة. تفضح هذه المنصّات مكنونات البشر. ولبنان «الوطن النهائي لجمیع أبنائه، واحد أرضاً وشعباً ومؤسسات» هو كذبة نعيشها يوميّاً على هيئة «دستور».
موجة تغريدات وتعليقات «عطِشة للحرب الأهليّة»
لم تكن السنوات الخمس عشرة من الحرب الدامية كافية للبنانيين لمعالجة مشكلاتهم الطائفيّة.
كثيرة هي المظاهر المتفلّتة من القانون اليوم، المسلّحة منها، التي ترفع سلاحها عالياً بين المدنيين، «للمرجلة أمام المتابعين»، بعد تصوير الفعل ونشره على مواقع التواصل، المحفّز الأول «للمرجلة» في ظلّ غياب تام لدور الدولة. وما يزيد الاحتقان، الشائعات التي تنتشر كالنار في الهشيم بين كل ساعة وأخرى. اعتداءات كاذبة، تسجيلات صوتية تُنذر بانفجارات قادمة والكثير غيرها، وهو ما يزيد من الاحتقان ضدّ الآخر في الوطن، المسبّب المفترض «للخطر». أحداث بلدية الحدث كانت لها الحصّة الأكبر في الآونة الأخيرة على هذه المنصّات. وزيرة الداخليّة ريّا الحسن، قالت في اتصال هاتفي على إحدى القنوات إنها «لم تسمع بما جرى مع بلدية الحدث إلا على منصّات التواصل». هذه وزيرة وليست مواطنة. كل ذلك يسهم في بلورة دور منصّات التواصل في برمجة الواقع الذي نعيشه، وفي بناء أرض خصبة لأيّ مشروع بما فيها الحرب. يسرح ويمرح المحرّضون في هذه الساحة كما يحلو لهم. يُشعلون عن دراية أو جهل فتيل الصراع. أما آن الأوان لوضع خطة أوليّة تخفّف من خطر التجاذبات الطائفية وخطاب الكراهيّة على هذه المنصّات؟ ألم يحن الوقت بعد لتفادي الكوارث قبل وقوعها؟ هذا الخراب والتفكّك الاجتماعي ليس وليد اللحظة، ومنصّات التواصل اليوم هي الجيش الذي سيستخدمه أيّ ساعٍ للحرب ما إن تقع. أما اللطف فعلى الله!
* صحافية لبنانية