الأسلوب قريب من السرد الوثائقي في فيلم «هيروشيما يا حبّي»
لا ينبغي أن نتوقع من ألان رينيه أن يصنع فيلماً تقليدياً، و«عمي الأميركي» دليل على ذلك. هذا الفيلم لا يشبه تحدّيه للعبة الذكريات كما في فيلم «العام الماضي في مارينباد» (١٩٦١). هنا الافتتاحية المذكورة أعلاه قريبة من السرد الوثائقي لتأثيرات الحرب في المدينة اليابانية الذي استعمله رينيه في فيلم «هيروشيما يا حبي» (١٩٥٩). بدأ «عمي الأميركي» بتقرير بيانات، لكنه ابتعد عن تلك الدراما الرومانسية اليابانية الفرنسية. بينما يكشف البروفيسور لابوريت نظرياته السلوكية؛ يقارنها رينيه في عدة تسلسلات للأحداث غير بعيدة عن الحقائق اليومية لأناس حقيقيين، يمكن التنبؤ بها من خلال النتائج التي تم الحصول عليها في التجارب العلمية على الحيوانات. مع ذلك، لا يسمح رينيه لنفسه بالوقوع في فخ تقديم فيلم أشبه بتقرير علمي. لقد بنى الشخصيات بعمق، وتصرفاتها طبيعية جداً. ولهذا السبب، فإنّ مقارنة تصرفاتها بردود الأفعال البديهية للحيوانات، المفتوحة على نطاق واسع في الفيلم، يكسبها تأثيراً كبيراً على المشاهد. مع ذلك، لم يسمح لنا رينيه بالتعلق العاطفي بالأبطال، فالآلام التي تعانيها الشخصيات الثلاث تتلقى معالجة موضوعية ضمن المسافة اللازمة المطلوبة في التجارب العلمية.
عبقرية رينيه السينمائية ونظريات لابوريت العلمية، تمتزجان هنا لكشف العديد من السلوكيات البشرية العادية، التي لا نلاحظها في حياتنا اليومية، ولكنها تؤثر على قراراتنا. كل تجربة هي لبنة تشكل السلوك البشري، يشرحها رينيه ولابوريت لفهم السلوك الذي يؤدي إلى هيمنة شخص على آخر، والذي يؤدي أيضاً إلى الحرب. تتداخل القصص الثلاث، ويكشف رينيه هشاشتنا كبشر، ويتحدث عن مواقفنا الصغيرة العادية التي يمكن أن تفضي إلى مواقف قاسية مثل الانتحار.
* Mon oncle d’Amérique على Mubi لمدة 26 يوماً