أي تغطيات تلك التي لم تطرح مسألة التعديلات على القانون؟ لعل أحد الأسباب التي تقف وراء تقديم صورة منقوصة عن قضية أساسية كالتعنيف الأسروي هو «الإعلام الحدثي». تُقتل منال عاصي أو رولا يعقوب، فيهرع بعض الإعلاميين ليقدّموا التقارير والحلقات التي تملأ الشاشات لبضعة أيام، ثم لا تلبث أن تضمحل.
هكذا هي الحال. تحولت القضايا الاجتماعية إلى «موضة» تتبناها الشاشات والصحف فور حدوثها، ثم تتخلى عنها حالما يبهت وهجها في سوق «العرض والطلب». الصراع الإعلامي هنا يكون على استثمار «الموضة» لا أكثر. منال ورولا وغيرهما، علي عبد الله المتسول الذي وجد ميتاً في شارع الحمرا، إيفا ابنة الـ 13 عاماً التي اختطفت وزُوجت بالقوة...
كلهم «حالات» اجتماعية تبنتها وسائل الإعلام، وجعلتها تتصدّر الشاشة لمدة محدودة، ثم رُكنت على الرف! لكن من قال إنّ تغطية القضايا نفسها تؤدى على أكمل وجه؟ من قال إنّ من تُوكَل إليه/ إليها مهمة نقل الحدث إلى المشاهد مُلمّ بما ينقله للمشاهد؟ ما أظهرته ردود الفعل إزاء قانون «حماية النساء من العنف الأسروي» يبرهن أنّ بعض الصحف والشاشات تفتقر إلى الدقة والعمق في تغطية القضايا الاجتماعية المختلفة.
الإعلانات المواكبة للحدث انحازتتقارير تُعَدّ سريعاً، فتَبني ثقافة المتلقي على الاختزال ونصف المعرفة. اللافت هنا أنّ قطاع الإعلانات الذي يعدّ بمعظمه المشوِّه الأول لوعي الناس، هو الذي أعاد تصويب البوصلة هذه المرة. ظاهرة «الإعلانات المواكبة للحدث» اشتهرت منذ فترة في لبنان، وحضرت بقوة في الجلبة التي أثارها قانون «حماية النساء من العنف الأسروي». شركة ورد الشهيرة في لبنان استبدلت البصمة الحمراء المستخدمة كشعار لحملة «كفى»، بإصبعٍ تلتف حوله وردة حمراء. كذلك، فعلت شركات أخرى خرجت بإعلانات تدعم القانون بتعديلاته وليس بالصيغة التي أقرّ بها. طبيعي أن تركب الإعلانات «الموجة»، لأهدافها التجارية، لكن ترفع لها القبعة حين تنجح حيث فشل الإعلام!
إلى «كفى»
يمكنم متابعة فاطمة شقير عبر تويتر | @fatima_shoukeir