النص الذي كتبه الخطيب، يستند إلى مسرحية «أمّهات الرّجال» لبيرسيفال وايلد (1887 ــ 1953). يتحدث الكاتب الأميركي عن شابين يحملان الاسم ذاته «توم شيبسو» يقفان مرابضين على خطوط الاشتباك، ويخوضان معاً، معركة المصير دفاعاً عن قدسية الأرض. أجرى المخرج السوري تعديلات محدودة على شكلانية النص. اسم الشابين صار «فادي سلوم». وأُسقط اسم النسخة الأميركية واسم مؤلفها من بروشور العرض الدمشقي. التبدّل في المعطى الحكائي بين النسختين لم يكن جوهرياً.
عرض من وحي الأزمةاستحضر صاحب «ليلة القتلة» شخصية ثالثة هي «أمّ لارا» تُضاف إلى سيدتين تحمل كل منهما لقب «أم فادي». ثلاثُ أمهات جمعتهن فاجعة الغياب، يعدن في انتماءاتهن المذهبية والديموغرافية إلى أصول مختلفة. تغفو أولاهن، (الممثلة نسرين فندي) في حقيبة سفر، تحوّلت اليوم، إلى متلازمة دلالية ترافق مفهومي النزوح والتهجير. ينشأ بينها وبين أم فادي (هناء نصور) صنف من صنوف الصداقة. تعيش السيدتان على هامش الانتظار، يمثل الهاتف الخلوي وسيلة اتصال يتيمة تربطهما بالمحيط الخارجي الخاضع لشرط الحرب، حالهما في ذلك حال الأم الثالثة (رنا جمّول). تشتغل الممثلة الأخيرة على ملامح نمط شائع لمديرات المدارس. إقحام بعض المفردات الفصيحة في سياق اللهجة المحكية مثل محاولة متواضعة لصناعة مفارقة كوميدية تهدف إلى التخفيف من كابوسية العرض والحد من بكائيّته. لا يستند التصعيد إلى حوادث ملموسة. تبدو الفرجة البصرية خجولة في كثافتها إذا ما قيست بكثافة المونولوجات القائمة في أساسها على لغة شعرية نجحت، أحياناً، في استجرار عواطف الحاضرين رغم الإطالة التي حكمت بعضها. يختتم العرض بـ «جيست» ثابت للأمهات الثلاث تحت طرحة قيل إنّها «بتشبه طرحة العدرا» بحسب الممثلات. استعان الخطيب بالمؤلف الموسيقي طاهر مامللي الذي نقل تجربته التلفزيونية إلى الصنعة المسرحية، معتمداً نظام الجينيريك في صناعة موضوعة موسيقية ثابتة أنعشت إيقاع العرض وانتصرت لجماليته في لحظات كثيرة. علماً أنّ «نبض» هو ثاني إنتاجات «المسرح القومي» هذا العام بعد «عن الحرب وأشياء أخرى» لزيد الظريف وعروة العربي.
يحكي قصة ثلاث أمهات في دوامة النزوح والتهجير
«نبض»: حتى 1 أيار (مايو) ــ «مسرح الحمراء» (دمشق) ـ للاستعلام: +963112222016