«هالووين» يرفع شعار #MeToo و«هالووين يقتل» يُقارب عصر ما بعد ترامب
مايكل مايرز لا يموت وكذلك السلسلة، ولكن أول ما يموت في الفيلم الجديد هو اهتمامنا به. نفس السيناريو، نفس المواضيع، نفس المشاهد والأحداث، وعجز رهيب في بنية الفيلم. الفيلم يقول لنا بأنّ الشخصيات غبيّة، لا تعرف كيفية إجراء مكالمة هاتفية أو التواصل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي لتجنب كارثة وإنقاذ ضحايا، مما يقلل من مصداقية الفيلم كله. ولكن هذا يصبح تفصيلاً عندما تنتقل الحبكة ذهاباً وإياباً بين جرائم القتل المتتالية، التي تحوي كمية دماء كبيرة. هكذا تضيع بنية الفيلم بين اضطرابات سطحية وعبارات غير مفهومة وأحداث غير منطقية، وينتهي كلّ شيء بكليشيهات سخيفة. وأكبر مصيبة في الفيلم هي لوري سترود، التي بدأنا السلسلة الأصلية بها عندما كانت شابّة. الآن دورها فقط هو أن تظهر في الفيلم بين حين وآخر أو على سرير المستشفى. شخصيّة مهمة في السلسلة تحوّلت اليوم إلى مجرّد امرأة تصرخ طوال الوقت. إهمال كبير واضح في كل شيء، فيلم يوضع في خانة فكاهة الرعب. ما بدأ عام 1978 مع كاربنتر، وصل اليوم ليكون قصة عن دماء لزجة وصراخ وإيماءات غير مفهومة وأحداث خالية من التوتّر. فيلم يجمع الكليشيهات والذكريات والدم والقتل والمذابح، حتى من هم من أشد المعجبين بهذه السلسلة وبأفلام «السلاشر» لن يستمتعوا بفيلم مماثل.
الريفية. «هالووين» تحفة كلاسيكية قدّمت الخوف من دون تنفيسه بصراخ مؤرق، أو دماء هنا وهناك، بل بطريقة مرعبة صامتة ومنتظمة.
* Halloween kills في الصالات
تحفة كلاسيكية
منذ 43 عاماً على التمام والكمال، أحدث «هالووين» للمخرج الأميركي جون كاربنتر ثورة في أفلام الرعب، حتى بات ثابتاً لا يتبدل في رزنامة هذه الاحتفالية. خرجت نسخ وأجزاء لاحقة منه ـــ آخرها هذا العام ــــ لم تعدُ كونها محاولات مبالغاً بها أو مصطنعة لا تُقارن بإنجاز كاربنتر. لا يزال الفيلم طازجاً، أصيلاً ومثيراً للاهتمام حتى اليوم. لا شيء يشبه «هالووين» الأول، التوأمة التامة بين الرعب والفن. «هالووين»، فيلم جون كاربنتر الثالث والأفضل. هنا أثبت الرجل عبقريته المطلقة، وأن شيئاً عظيماً قد يولد من النزر القليل. بـ 300 ألف دولار أميركي وخلال ثلاثة أسابيع ولكن بخيال خصب وأسلوب سردي مشوق، أُنتج فيلم بعائدات وصلت إلى 48 مليون دولار. قصة الفيلم بسيطة: مايكل مايرز، ابن الست سنوات، يقتل شقيقته بطريقة بشعة، يقضي 15 عاماً في مصحّة عقليّة، يهرب عندما يبلغ 21 عاماً، يعود إلى الحي الذي نشأ فيه، ويستعيد نشاطه الإجرامي. البداية المرعبة يتبعها تطور سريع للأحداث خلال يوم واحد وضمن مساحة صغيرة (منطقة سكنية نموذجية، ضاحية هادونفيلد في ولاية ألينوي) ومع عدد قليل من الشخصيات التي يلاحقها القاتل. يكتفي المخرج بهذه النقاط من دون الغوص في الخلفيات النفسية والعملية. هو الجوهر الدرامي الكلاسيكي بعناصره الثلاثة (الزمان المكان والحدث)، ثم سرد بسيط وديناميكي يرعبنا من دون أن يهين ذكاءنا. عنصر آخر ساعد في تكوين فرادة هذه التحفة: شخصية القاتل. مايكل مايرز ليس خارقاً للطبيعة، بل مريض هرب من المصحّة ومشكلته عدم قدرته على الإحساس بشيء سوى بالرغبة في القتل. هكذا صنعه المخرج مايكل مايرز خالياً من الدوافع النفسية المعقدة، سلوكه وأفعاله هي التي تحرك السرد. منح كاربنتر مايرز هالة أسطورية خيالية تتناغم مع إحدى قصص ليلة عيد الهالووين (ليلة أحياء السحرة). أما القناع الذي يرتديه باستمرار، فيجرّده من إنسانيته في نظرنا ليكون الشر المطلق، «البعبع» الذي يؤرّق حياة الأميركيين