أدائياً، يمتلك خالد الصاوي مهارةً تساويه مع عمالقة الدراما المصرية عامةً. يستطيع أن يقنعك بأنه عبدالله الفولي الموظف في ماسبيرو ووالد هؤلاء الفتيات بكل ما للمباشرة من معنى. بدورها، تنجح صابرين في أداء أدوارها، لكنها تبالغ أحياناً، خصوصاً في الكوميديا. المشكلة أنها فعلياً تمتلك المهارة لتكون إحدى أفضل مؤديات جيلها، كما فعلت في «أم كلثوم» (1999) أو في دور زينب الغزالي في «الجماعة» (الجزء الثاني 2017). تؤدي صابرين هنا دور الزوجة القوية، ومديرة المدرسة الناجحة، لكن تجارب الحياة وتفاصيلها تنهكها أحياناً. علماً أنّ المسلسل يعيد الصاوي وصابرين إلى التعاون مجدداً بعد تعاونهما الأخير في مسلسل «ليالينا» (2020) و«أم كلثوم» (1999) قبل عشرين عاماً.
يستعيد تيمات المسلسلات المصرية في الثمانينيات والتسعينيات
في المجمل، المسلسل خفيف ذو روحٍ مرحة، وإن لا يعتبر كوميدياً بشكل عام، إذ يتناول قضايا اجتماعية مثل التحرّش والتشهير، ويستعيد تيمات المسلسلات المصرية في حقبتي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي مثل «العائلة» (1994) و«رحلة السيد أبو العلا البشري» (1986) التي قاربت فكرة «الشخص المثالي» الذي يربي عائلته على الأخلاق الحميدة والصلاح، والمثالية وتحل المشكلات للجميع بطريقة شبه رومانسية. صحيحٌ أن الكاتب الحناوي حاول الخروج من كلاسيكية الممثل محمود مرسي (بطل «العائلة» و«رحلة السيد أبو العلا البشري»)؛ وأدخل الكثير من واقعية العصر كالسوشيال ميديا، إلا أنه ظل يدور في فلك هذا النوع من الشخصيات المحبب لدى الشارع المصري والعربي (شخصية «أبو ملحم» في التلفزيون اللبناني كمثال). في الإطار عينه، يقارب المسلسل الجو العام للشارع المصري بكل تناقضاته وأحداثه. هو يبتعد بالتأكيد عن الدراما الثقيلة والتمثيل الكلاسيكي الشكسبيري/ الستانسلافسكي إذ يؤدي معظم الممثلين بسهولة وانسيابية أكثر، فلا مشاهد أو كادرات معقدة، بل معتاد الدراما المصرية التلفزيونية: باختصار ليست هناك وقفات كتلك التي نجدها في مسلسلات أسامة أنور عكاشة أو حتى أخيراً محمد سليمان عبدالملك. يعاب على المسلسل شيءٌ واحد هو عدد حلقاته الكبير، كأنّه ينافس المسلسلات التركية والمكسيكية، في حين أنّ المسلسلات الأميركية -سواء أنتجتها «نتفليكس» أو غيرها- تقوم على خمس أو عشر حلقات على الأكثر.
«أعمل إيه» مسلسل خفيف، يستحق المشاهدة، فيه قصص يومية عادية، بأداء ممثلين موهوبين. لكن هل هو عمل لا ينسى؟ بالتأكيد لا، لكنه على الأقل أفضل بكثير من المسلسلات العربية المشتركة ذات الميزانيات الضخمة والبهرجة في التصوير والديكور.
* «أعمل إيه» على منصة WATCH IT