وكان عمل «القاهرة» الإخبارية مركّزاً على أنّ الحادث فردي وعرضي ولم يُخطط له من قبل، وأنّه على وسائل الإعلام الأخرى التريّث وعدم استباق التحقيقات. في هذا السياق، قال مراسل القناة في الإسكندرية إنّ كل ما أثير حول الحادث «غير صحيح إطلاقاً» وإنّه قيد التحقيق لدى وزارة الداخلية المصرية التي ستنشر التفاصيل حين التوصّل إلى الحقائق.
وركّزت التغطيات الإخبارية للحادث على القفزة في أعداد السياح إلى مصر خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، وقدرات وزارة الداخلية المصرية على تأمين الأفواج السياحية. وعلى الشاشة نفسها، دعا مدير تحرير جريدة «الأخبار» المصرية، أسامة السعيد، إلى عدم «القفز على الحقائق»، والانتظار للوصول إلى الحقيقة بشأن الحادث «الفردي»، مهاجماً منصّات التواصل الاجتماعي معتبراً أنّها تستبق التحقيقات قبل إعلانها من قبل الجهات الرسمية، من دون أن ينتبه إلى أنّ الجهات الرسمية لم تتحدث وقتها رغم مرور ساعات. ونوّه السعيد إلى أنّ مصر وجهة سياحية مهمّة استقبلت خلال ستة أشهر من عام 2023 حوالي سبعة ملايين سائح، وأرجع ذلك إلى «قدرة مصر على تأمين هذه الملايين من السياح وقدرة الدولة المصرية على منح ضيوفها الأجواء المناسبة لقضاء أيام سعيدة».
وبينما احتفى عاملون في «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» بعملية «طوفان الأقصى»، أربكتهم كثيراً حادثة الإسكندرية. هكذا، خرج لؤي الخطيب، وهو أحد العاملين فيها وغالباً ما يُهاجَم بسبب تحليلاته الغريبة والمؤيدة للنظام المصري وهجومه على المعارضة، ليقول إنّ حادث الإسكندرية ما هو إلا «محاولة للتوريط والجرجرة... لتوريط مصر في شيء ما». وفي مقطع مصوّر علق فيه على الحادث، قال إنّ عنصر الأمن كان ينظّف سلاحه، ما أدى إلى خروج بعض الطلقات التي قتلت السياح. وأكّد الخطيب أنّ هذه الرواية هي معلومات حقيقية توصّل إليها، وأنّه مقتنع بذلك «لأنّه لم يكن لفرد الأمن لو استهدف ضرب السياح أن يقتل شخصاً مصرياً معهم». غير أنّه لم يبيّن لماذا لم تخرج هذه المعلومات رسمياً طالما أنّها وصلته.
في المقابل، صرّح ضابط الشرطة السابق ورئيس مركز الدراسات التابع لقنوات «المتحدة»، خالد عكاشة، بأنّ عنصر الأمن «شعر بتهديد ما على السيّاح، لكنه يبدو أنّه أخطأ في تقدير الموقف الأمني». جاءت رواية عكاشة مناقضة تماماً لكل التصريحات السابقة المرتبطة بالموضوع. وهنا، تدخل على الخط الرواية التي نشرها أحد المواقع المحلية نقلاً عن مصادر، عن أنّ الحادث لم يكن عرضياً، وأنّ أعضاء الوفد السياحي الإسرائيلي كانوا يلتقطون الصور مع علم إسرائيل، ما دفع أمين الشرطة محمد عبد الحميد بمنعهم مراراً. لكن عندما أصروا على الأمر، حدثت مشادة بين الجهتين أدت بعبد الحميد لإطلاق النيران.
لم يصدر أي موقف رسمي حول ما جرى
وبينما تحاول مصر الرسمية العمل على خطّ إيقاف ما يجري في قطاع غزة من هجوم إسرائيلي رداً على عملية «طوفان الأقصى»، فوجئت بأنّه أصبح مطلوباً منها إيضاحات كثيرة حول خلفية عنصر الأمن المذكور، في الوقت الذي طالبت فيه تل أبيب الخارجية المصرية بالمشاركة في التحقيقات، في ظلّ استمرار الغموض الرسمي.
أعقب حادث الإسكندرية هجوماً كبيراً تعرّض له رئيس قطاع القنوات الإخبارية في «الشركة المتحدة» وأحد أذرعها الإعلامية، أحمد الطاهري، بعدما كتب عبر صفحته الرسمية على فايسبوك جملة «الهدف مصر»، تزامناً مع عملية «طوفان الأقصى». الأمر الذي وضعه في قلب عاصفة انتقادات باعتباره لا يرى أهمية للمقاومة الفلسطينية ويهاجمها. وهو ما أدى به إلى إقفال صفحته بعدما تلقّى لوماً كبيراً من متابعيه على طريقة تحليله للعملية. وهو الهجوم الثاني على الطاهري خلال فترة وجيزة، بعدما قال للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال حوار في مؤتمر «حكاية وطن»: «هاجم براحتك يا ريس حقك علينا تعمل كل اللي أنت عايزه».
علماً أنّه لغاية كتابة هذه السطور، لم تنشر وزارة الداخلية المصرية أي بيانات تتحدّث عمّا حدث في الإسكندرية، فيما ظلّت وسائل الإعلام الرسمية تنقل عن خبراء أمنيين مدى «فردية» الحادث وأن الأماكن السياحية مؤمّنة بالكامل، من دون أن يطل أي متحدث رسمي للتعليق أو إيضاح أي تفاصيل حول ما حدث.