لا أحد يعرف أين ذهبت أصوات الفنانين المؤثرين في هذه المعركة المصيرية بين الحقّ والباطل، وإن بعض النجوم قد أُجبروا على تمرير رأي خجول تحت الضغط الشعبي العارم، ومطالبات جمهورهم بإعلاء الصوت، تزامناً مع انتشار حملة من بعض نجوم هوليوود تدعم الكيان المحتّل، وتروّج لروايته الوضيعة عن محاربة «إرهاب» حركة «حماس»، وسط استمرار الرقابة الصارمة التي تتبعها غالبية مواقع التواصل الاجتماعي على الأصوات والآراء المؤيدة للقضية الفلسطينية، سواء كان بحذف أي منشور أو فيديو يدعم البلد العربي المحتلّ أو تقييد الحساب، ومن ثم اتّباع أسلوب وضيع يُعرف بالـ shadow ban، إذ يُترك الحساب لينشر ما يريد عن القضية، ثم تمنع الخوارزميات ظهور المحتوى لدى المتابعين وبالتالي حرمانه من الانتشار أو التأثير!
وسط كل ذلك، أفاق أحد النجوم السوريين الكبار أخيراً، وقرر المؤازرة عبر صفحته على الفايسبوك بنشر جزء من مشهد قديم له وهو يبكي على شهداء فلسطين. يا لهذا التضامن الباهر! اختار نجم آخر اعتاد على غزارة معايداته وتعليقاته الإنسانية على السوشال ميديا باستثناء الأيام العشرة الماضية، نشر صورة يتيمة بعد سكوت طويل ممزوج بالخوف، بينما أصيبت بالبكم نجمة سورية مرموقة كانت قد ظهرت قبل مدّة على فضائية شهيرة، لتحكي عن سوء أمانة مخرج عملها الرمضاني، عندما غيّر نص كاتبه، وحذف بعض مشاهد ممثليه. لم تنتبه إلى أنّ ما تفعله الآن ربما يكون أعتى «سوء أمانة» إنسانية من وجهة نظر متفرّج مقهور، يشهد على صمت نجمته المفضلّة على كل هذه المجازر المروعة بحق الأطفال والنساء والشيوخ والأطباء والصحافيين الأبرياء! الحال ذاتها سيطرت على كبار النجوم السوريين «البيّاعين» للمحطات المهمة وغيرهم. ولكي تنطبق قاعدة المثل الشعبي الذي يقول «الكحل أفضل من العمى»، اختار نجوم آخرون تمرير موقفهم الخجول بـ«ستوري» أو منشور متواضع... السبب ــ بحسب بعض العارفين ـــ أنّ هذا التصرّف يساعد صاحبه في رفع العتب عن نفسه. وفي حال مساءلته من أحد، سيكون الجواب جاهزاً: «الآدمن المسؤول عن الصفحة هو الذي تصرّف من دون الرجوع إليه». لعلّها خطّة ذكية ومحكمة من أساتذة التمثيل العربي!
على ضفّة مناقضة تماماً لكلّ ذلك، تواصل النجمة صفاء سلطان إطلاق حملة «أتحدّاك» التي بدأتها بالتنسيق مع شركة إنتاج سورية حديثة العهد. انتشرت الحملة عبر عشرات الصفحات السورية على الفايسبوك، ودخلت على خطّها بعض الشخصيات التي تملك جمهوراً محلياً وعربياً، ثم انضم إليها لاحقاً إعلاميّون مكرّسون مثل المذيعة الفلسطينية السورية ريم الشرقاوي التي ظهرت في فيديو ترتدي فيه زيّ بلادها الفولكلوري مع الكوفية، ثم تبعها المراسل الحربي جعفر يونس الذي اختار تسجيل مواقف متلاحقة واضحة في الحديث عن الروح الانهزامية لدى غالبية العرب وحمل راية القدس من محور المقاومة. واستمرّت سلطان في نشر تحدّياتها للكيان الصهيوني، مؤكدة على أنّ عملية «كتائب القسّام» في السابع من الشهر الجاري، كانت شرفاً حقيقياً لكل المنتمين للقضية الفلسطينية، وبأن ذلك قسط من أحلام والدها وجدّها اللذين هجّرهما الاحتلال من أراضيهما وبيوتهما... هكذا، حققت تلك الإطلالات للنجمة المعروفة عشرات آلاف المشاهدات على فايسبوك وإنستغرام رغم كلّ وسائل الحجب المتعبة ضد هذا المحتوى!