تظهر المدينة خالية مقفرة، بالكاد مضيئة، لولا لوحات الإعلانات الضخمة التي تضيء المكان والأبنية حولها. مع التمعّن في الصورة، سترى نفسك في صورة بيروت، بسبب الانعكاس على الزجاج. فوضى الإعمار وعدم التخطيط يزيدان من بشاعة المدينة، والمباني الجديدة تفقد لمعانها في الليل، بالإضافة الى خلو أغلبها من السكان، ما يظهر الشرفات والنوافذ خالية من أية حركة أو حياة. كلها عوامل تجعل من بيروت مدينة تشبه المدينة التي تعيش الحرب أو الخوف، وكأن المدينة تتنفس بصعوبة، وصدرها مثقل بأبنية متلاصقة مكتظة، لا تترك فسحة إلّا من خلال الشوارع العامة التي يتركها أيضاً حداد خالية باستثناء شهب أضواء السيارات التي تبدو كأنها تمرّ بسرعة البرق.
صدرها مثقلأمضى حداد سنة ونصف السنة من العمل على تصوير المدينة ليلاً بين الساعة التاسعة ومنتصف الليل، مختبراً تقنية الـ HDR. تقضي هذه التقنية بتصوير اللقطة ذاتها خمس مرات، بسرعة ضوء مختلفة في كل مرة، ثم دمج الصور الخمس في صورة واحدة. فرِح في المرة الأولى عند حصوله على نتيجة اختباره هذه التقنية. لكنه لاحظ أن الصورة ليست جميلة بالكامل، فبيروت بداخلها تظهر باهتة، خصوصاً حين تتفرج على أقسام معينة من المدينة، من مسافة متوسطة أي ليس من داخل أحيائها ولا من خارج بيروت، قرر متابعة التفرج من هذه الزاوية، حيث يستطيع أن يرى المشهد كاملاً، من خارج المنازل والأزقة والشوارع.
بأبنية متلاصقة مكتظة
يقول جورج لـ «الأخبار» إن صورة المدينة على هذا النحو تعكس حال سكانها أيضاً. تلك الفوضى والزحمة الخالية من الألوان والحياة، هي حال أهل المدينة، ويعتبر إن كان ما زال هناك شيء جميل داخل هذا القبح، فمن الواضح أنه مع انقضاء الوقت ستصبح صورة المدينة وحالها أكثر رداءة. بدأ جورج حداد (1974) عمله في التصوير الفوتوغرافي والصحافي منذ ثماني سنوات. عمل مع أكثر من مجلة، وشارك في العديد من المعارض الجماعية في نيويورك، بيروت، وأثينا وحلب ونال جوائز عدة عن صوره.
«بيروت هل هذا أنت حقاً؟»: حتى 20 تشرين الثاني (نوفمبر) ـــ غاليري 392rmeil393 (الجميزة ـ بيروت) ـ للاستعلام: 76/875936