انفرجت أسارير هؤلاء الفنانون وربما راح بعضهم يوضّب أغراضه تلبية للدعوة. لكن بحركة بهلوانية مدهشة، خيّب النقيب آمالهم عندما أردف مستثنياً من هذه الدعوة «كل من أسهم في سفك الدماء السورية، وأيّد المعارضة المسلّحة ودعا إلى التدخل العسكري في سوريا».
هنا، سأله المذيع باسل محرز بدماثته المعتادة حول موقف النقابة من بعض الفنانين المعارضين مثل جمال سليمان ومكسيم خليل وقيامه بالتحضير لقائمة بمجموعة أسماء من أجل فصلهم، علماً أن هذا يتعارض مع حريّة الرأي والتعبير؟ فرد رمضان بثقة المسؤولين: «مكسيم خليل أسهم في سفك الدماء من خلال توجيهه التحية لمن أسماهم الثوار فيما هم يقتلون السوريين. كما أن جمال سليمان انضم إلى الائتلاف السوري المعارض الذي طالب بالتدخل الأجنبي العسكري في سوريا وسأفصلهما ردّاً على أفعالهما»، وعدّد أيضاً بعض الأسماء كعبد الحكيم قطيفان، ومازن الناطور، وهمام حوت...
حرّض على جمال
سليمان ومكسيم خليل وعبد الحكيم قطيفان
«لكن الحكومة تصدر أحياناً مراسيم عفو عمن حمل السلاح؟» قال له المذيع. لكن رمضان لا تفوته فائتة. سرعان ما أنقذته بديهته وذكاؤه ليعارض من منصبه مراسيم العفو الرئاسية ويدلي بمخالفته الصريحة لها على اعتبار أنه «لا يستطيع تشبيه الإنسان البسيط الذي غُرر به وحمل سلاحاً عن جهل في وجه الدولة بفنان مثقف يفترض أن يكون قائداً للرأي». طبعاً لا يحق لأحد أن يحاسب زهير رمضان على كلامه وهو يعيش أفضل أيامه بعدما غادرت مواهب كثيرة سوريا فخلا له ولأمثاله الجو، وأمعن في منصبه الجديد بالتأثر الواضح بشخصية «أبو جودت» رئيس الكركون الذي يجسدها في «باب الحارة» وخلط بين مهمته كنقيب يدافع عن الفنانين، ونقيب مخابرات يقودهم إلى غرف التحقيق وينزل فيهم أعتى العقوبات. وفي اتصال مع «الأخبار»، يقول النجم جمال سليمان: «هذه عقلية النظام وشبيحته القائمة على التدجيل والافتراء هي التي دفعت إلى المزيد من سفك الدماء».
أما عن موقفه السياسي فيقول: «كنت ممن شجبوا حمل السلاح، واعتبرت أن قضية الشعب السوري قد شوّهت منذ اللحظات الأولى لرفع السلاح وتبني الشعارات الإسلامية. وقد استجبت لدعوة الائتلاف التوسعية بهدف دعم القوى الفكرية المعتدلة، وعندما لم ألمس جدية في الموضوع اعتذرت فوراً.
علماً أنني لم أحضر أي اجتماع، لكن في المقابل يحق لي القول بأنّ عقلية مثل عقلية زهير رمضان هي من أرست التطرف.
ومن مهازل القدر أن يصبح شرف الانتماء لنقابة الفنانين بيد شخص مثل رمضان، وهذه جزئية صغيرة من كارثة كبيرة، إذ لم يسمح لي بتجديد جواز سفري وحرمت من أدنى حقوق المواطنة فهل لي أن أحزن على عضوية نقابة الفنانين؟!».
من جانب آخر، يقول سليمان: «يعرف رمضان وأسياده أنني لم أوفّر جلسة عامة أو خاصة إلا وأعلنتُ فيها رفضي حمل السلاح.
لكن يبدو أن الشخص المعتدل هو أهم أعداء تلك العقلية التي أدخلت مواطنين سوريين مثل عبد العزيز الخير، ولؤي حسين السجن رغم رفضهما التدخل الخارجي وحمل السلاح، وهو ما فتح باب التشكيك بهما من قوى معارضة متطرفة».
تصريح زهير رمضان يشعر المستمع إليه بالأسف والحسرة وفقدان الأمل فعلاً بسوريا الغد. بعد أكثر من ثلاث سنوات على اشتعال البيت بمن فيه، ما زالت هناك شخصيات يفترض أنها مسؤولة تواصل الاغتيال المعنوي لـ «خصومها» وشركائها في الوطن. الخراب المحيط لن يجعلها ترف جفناً، فذاكرتها أقصر من ذاكرة سمكة!