الشاعر الذي تغنّى بهذا الأمل الضئيل والمستحيل لاح له «ربيعٌ» استبشر به في البداية، وتفاءل بإمكانية حدوث إصلاح سياسي حقيقي، قبل أن يتحول هذا الربيع إلى شتاء قاس، ويصبح بلده سوريا ساحة لصراعات وحروب بأجندات متعددة.
تخفف من ضغط جملته
لصالح كتابة أكثر نثرية
اليوميات بدأت من تلك اللحظة، وواظب الشاعر على نشرها بانتظام في الصفحة الأخيرة من جريدة «الأخبار»، وها هي تنشر في كتاب، بينما لا يزال صاحبها يواصل كتابة مقاطع جديدة منها، حيث «وحدها المقابر تستحق تسمية: الأوطان الصالحة»، وحيث «أنت الذي تزعم أنك قادمٌ لنجدتي، ليتكَ تعرف كم أنا خائفٌ منك»، وحيث «العبيد الذين يستقوون بعدوٍّ على سيّدهم أو طاغيتهم لن يكونوا أحراراً، بل يتحولون من عبدٍ مقتول إلى عبدٍ قاتل»، وحيث صار الربيع «ربيع المآتم» بحسب العنوان الأول لليوميات. اليوميات هي دعوة لقراءة «كوابيس» الشاعر التي تدفع «أحلامه» إلى الحائط الأخير، وتخنقها بالمزيد من أخبار القتل العاجل، بينما يتراءى لنا وسط ذلك كله شعرٌ عذب واستعاراتٌ وصور مدهشة في هذه اليوميات التي تؤرّخ (بطريقة غير مباشرة) للواقع الرهيب وجرائمه المستمرة وأعداد الضحايا المتزايدة. كأن صاحب «بين هلاكين» أراد أن «يخدعنا» بتوصيف اليوميات، لكي يمرر مزاجه الشعري الذي نعرفه. ولعلّ الدعوة إلى توقيع الكتاب مساء اليوم في معرض الكتاب البيروتي، ستكون فرصة للقبض على الشاعر الذي «فشل» في إخفاء «شعريته» العالية داخل «يومياته».
* يوقع الشاعر نزيه أبوعفش كتابه «مضى الربيع كله» ابتداء من الخامسة من مساء اليوم في جناح «دار الآداب» (معرض بيروت العربي الدولي للكتاب ـــ بيال).