القدس | لم تكد تنتهي حلقة «أراب آيدول» السبت الماضي بتأهّل الفلسطيني محمد عسّاف (1989 ــ الصورة) إلى المرحلة النهائية، حتى اكتسحت حالة من «النفير العام» الإعلام الفلسطيني ومواقع التواصل الاجتماعي. حالة تجسّدت في المقالات التي حثّت على التصويت لـ«صوت فلسطين»، والتحذير من «مؤامرة» تخوضها شركات الاتصالات في بعض الدول العربية تجيّر عبرها أصوات عسّاف إلى زميله المصري أحمد جمال! لم يتوقف رجال الأعمال والسياسة كما بعض المثقفين والصحافيين عن إطلاق حملات الدعم لـ«آيدول» فلسطين.
أكثر هذه الحملات طرافة جاءت من غزّة. أطلق مثقفون وصحافيون «الحملة الوطنية لدعم الفنان الفلسطيني محمد عسّاف»، وتظاهروا أمام مقر «شركة الاتصالات الفلسطينية» (جوّال)، منددين بسعر رسالة التصويت التي وصلت إلى دولار أميركي. ولم يكتف هؤلاء بالهتافات مثل «ما بنخاف، ما بنخاف، بدنا نصوّت لعسّاف»، بل نظّموا مسيرة وزّعوا خلالها صوره على المواطنين في الشوارع. وحض أعضاء الحملة الجاليات الفلسطينية (خصوصاً في تشيلي) ورجال الأعمال الفلسطينيين على التصويت له. وقد فاجأتنا حفنة منهم بتنظيم «لقاء كروي» مع فريق نقابة المهندسين في مدينة طولكرم برعاية «جوّال»، ارتدى اللاعبون خلالها قمصاناً حملت صورة «الصاروخ عسّاف».
التدخلات السياسية لم تنحصر في اتصال الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالفنان راغب علامة، ولا بإرسال نجله ياسر لحضور إحدى الحلقات في بيروت، ولا بتصريحات رئيس الحكومة سلام فياض الداعمة لعسّاف، ولا بتعليمات حكومة «حماس» في غزّة بمنع تعليق بوسترات «الصاروخ» على زجاج السيارات. برزت السياسة من خلال تصريح فايسبوكي لابنة الرئيس الراحل ياسر عرفات زهوة التي كتبت: «لأنّك حملت اسم فلسطين. وأثبتت أنّ شعبنا يبدع في كل المجالات. صوتكم لمحمد عسّاف. ادعموا فلسطين». ورأى متابعون في هذا التصريح ردّاً على تصريح فايسبوكي آخر لعبد السلام هنية، نجل رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية الذي قال فيه إنّ: «محمد عساف قيمة تستحق الاحترام والتقدير».
العدو الإسرائيلي دخل على الخط أيضاً، إذ تحدّث الناطق الرسمي باسم جيشه للإعلام العربي أفيخاي أدرعي عبر فايسبوك عن «تهديد ومطالبة «حماس» محمد عسّاف بالانسحاب من البرنامج»، قبل أن يؤكد الفنان الشاب عبر الموقع نفسه أنّه«لم يطلب مني أحد الانسحاب، ولم تهددني أو تهدد عائلتي أي جهة». وأضاف«أما الرائع فهو التوقف عن قتل أطفالنا، وإنهاء احتلالكم لأرضنا، حتى يتمكن شعبي من إقامة دولته المستقلة».
يمكنكم متابعة مصطفى مصطفى عبر تويتر عبر تويتر | @JerusaleMustafa
3 تعليق
التعليقات
-
فلسطين وداء الهشاشة 2 فلسطين "سلعة" رائجة، فإن كان مستحيلا الوصول إليها فليخلق شبيهها، وليستثمر في صناعة الوهم. سياسيّون تافهون أو طامحون يدعمون.. روابط وتجمّعات على الأرض وفي الفضاء الإلكترونيّ تتشكّل وتدعم.. رجال أعمال يستكشفون مجالات استثمار جديدة فيدعمون.. ملايين تضبط إيقاع سهرها ونشاطها وأحلامها على مواعيد المنافسات المتلفزة!! الكلّ رابح: محطّات البثّ تكسب الملايين عبر الإعلانات، شركات الاتّصالات تكسب ما لا يمكن إحصاؤه فالكلّ "يمسّج ويمسّج" مع ازدياد وتيرة "الوطنيّات"، والشعب العربيّ بشبابه خصوصا يغنّي وينفّس طاقة أدرينالين المنافسة، وفلسطين، فلسطين خصوصا... تنتصر!
-
فلسطين وداء الهشاشةهو إذن انتصار وطنيّ فلسطينيّ! بل انتصار قوميّ عربيّ في سبيل فلسطين! فالشابّ الموهوب لا يغنّي بصوته وإنّما بصوت فلسطين! ولكن مهلا!! فلسطين على وشك أن تنتصر على من؟! على مصر؟ على سوريّا؟ على ..؟ هل فلسطين في خصام مع شقيقاتها العربيّات إذن، ولأنّ الفلسطينيّين ومعهم العرب "المخلصون" يريدون الانتصار لفلسطين وجّهوا وسيوجّهون قواهم لدعمها في "المواجهة" في... ساحة الغناء!؟ أيّ هشاشة في الوعي هذه؟! بل أيّ هشاشة في العاطفة هذه؟! كيف يتمّ تزييف الوعي بهذه الطريقة الدنيئة؟! إنّه عقل الاستثمار، عقل واع تمام الوعي، يبحث عن السلعة المطلوبة، فيروّج ما لديه باعتباره هو المطلوب، ويسحب بكلّ سلاسة ما في الجيوب: بفعل الحاجة إلى "انتصار" يتمّ توضيب المسرح لخلق معركة تفوز فيها فلسطين! بفعل التوق إلى المشاركة في النضال (بشرط أن يكون نضالا سهلا مريحا مفرحا) يتمّ إلهاء الضمير بعد تخدير العقل بإقناع اللاوعي بأنّ "التصويت" هو طلقات في المعركة لأجل فلسطين!! بأنّ ثمن رسائل التصويت هو "جهاد وبذل" في سبيل فلسطين!! ألم يقولوا لكلّ مشارك في معارك مثل هذه -منذ زمن سوبر ستار- : إنّك ترفع اسم وطنك!؟ يتبع