بعد أيّام، يُعقد في بيروت معرض الكتاب الفرنكوفوني. «الصالون» الناجح أوكل بعض أمره في السنوات الأخيرة إلى نقابة مستوردي الكتب الفرنسيّة. هذا الترتيب، حيث تتشابك مصالح السياسات العليا والمصالح التجاريّة، صار نهجاً تقوم عليه دول السوق والخصخصة والمصالح. يجذب الصالون جمهوراً تجاوز عدده 92 ألف عام 2005، أتوا للتعرّف إلى نجوم الساحات الأدبيّة الفرنكوفونيّة. فالفرنكوفونيّة «خطّة» انتهجتها فرنسا دعماً لسياساتها الأفريقيّة والأميركيّة الشماليّة (كندا) والشرق أوسطيّة. «خطّة جهنّمية» تحاكي بدعة قصر الإليزيه ومستشاريه بشأن الاتّحاد المتوسّطي، التي عادت كل الجهود المبذولة في سبيلها بخفّي حنين، لأنّ الظروف غلبتها على مرأى ساركوزي ومسمع معاونيه. يفخر المعرض البيروتي الفرنكوفوني بأنّه الثالث نجاحاً بعد الباريسي والمونتريالي. ناجح نعم ومغبوط وأنيق ومطالَب بأن يصير قدوة ويخرج من الغيتو اللغوي الذي زجّ بنفسه فيه.
القادر على تنظيم مناسبة من هذا الطراز الرفيع لا يخشى تشريع أبوابه للّغات الراغبة في الانضمام إليه، ولا سيما المستضعفة (العربيّة مثالاً)، الساعية إلى ترجمة ما ينتج بلغة فولتير.ما الضرر لو سُمح لمتعدّدي اللغات في بلد يجاهر بثراء لسانه بأن يحلّوا عليه ضيوفاً؟ ما الضرر لو استقبل «الصالون» الفرنسي دوراً أرمنيّة أو كرديّة أو عربيّة؟ ما الضرر لو تخلّص مستوردو الكتب الفرنكوفونيّة في لبنان من فكرة النقاوة اللغوية؟ هل من نقاوة لغوية في بابلنا المعاصرة؟ وهل بالنقاوة سيدافع مستوردو الكتب ومن ظاهَرهم عن مصالحهم التجاريّة والسياسية؟
منذ سنوات، تحاول «دار الجديد» إقناع القيّمين على معارض الكتب الأساسيّة في هذا البلد المشرذم بإقامة معرض واحد يجمع كل هذا التنوّع والثراء. عبثاً. تفرّقت الجهود بحجّة أن وزارة الثقافة حديثة العهد، وأن معرض الكتاب العربي عريق لا سبيل لزحزحته، وأن لكلّ معرض فرعي مرجعيّته وحماته ومريديه.
«دار الجديد» الساعية إلى بناء جسور بين العربيّة واللغات الحيّة، أحبّت المشاركة في صالون الكتاب الفرنسي هذا العام تحت أجنحة «أمم» الجمعية الشقيقة. ولمّا أُبلغت أن رفوف الكتب في المعرض الشاسع لا تترك مجالاً لأيّ كتاب عربي، أحجمت. أحجمت وستكتفي بالمشاركة في معرض الكتاب العربي، الدرويش والشعبي، الذي لا ينافس الصالون الفرنسي، لا في نقاوته اللغويّة، ولا في تنظيمه السينييه والكلاس !
* ناشرة «دار الجديد»
2 تعليق
التعليقات
-
يوجد نقاء اللغة . . . أميرتي اللغوية ! نقاء اللغة هو كالماهية موجودة فقط في دار واحد من بين ملايين الدور ، وهي بحد ذاتها قضية نشر الكتب هي خطة تجارية إستيراد وتصدير ! يعني لم تعد اللغة هي السبب الوحيد للنشر ، فلو هناك توحد في الثقافة ، لكان هناك جميع أنواع الكتب واللغات المتنوعة في معرض واحد ! لكن الديمقراطية الثقافية ما زالت في تحيز تام ! فالكتاب كعلم السلام ، فلو هناك سلام ثقافي ، لكان هناك سلام عالمي ، لأن العقول تقاس بالثقافة ، فكيف يكون هناك سلام ثقافي ولا يوجد سلام عالمي ؟ فإذا" دعينا يا أميرتي لا نشبه دارك التوجيهي المثقف للأجيال بالمعارض التي لا تزال منحازة لخطط سياسية تجارية واضحة! فنقاء اللغة موجود في كتب دارك ، وكتبك المتنوعة اللغات ، وهذا يكفي لكلمة إسمها نقاء اللغة الجديد في دار الجديد . . . ومعرض الكتاب العربي الدوريشي والشعبي هو عاصمة عالمية للكتب . . . والشعوب الدرويشية في هذا المعرض قواد التاريخ المتأرخ في حضارتنا المصلحجية . . . لثقافة تؤدي من دارك إلى نقاء اللغة وأكبر برهان كتاب الهمزة ذو الهمزة النقائية !
-
لا وجود لنقاوة لغةأصبح العالم معولم فلم يعد يوجد لغة نقية، و نحن هنا ملكيين أكثر من الملك، فهؤلاء اللبنانيين المتفرنسين، لو زارو فرنسا يوما لوجدو كيف أن الفرنسية أصبحت متعددة اللغة، فقد دخل في قاموسهم بعض من العربية و الأمازيري و الأفريقي و غيرها أغنت الفرنسية، و نحن هنا ملكين أكثر من الملك، ننشد النشيد الوطني الفرنسي في إرسالياتهم ولا ينشدونه في مدارسهم، نلاحق المتكلم على الفاصلة و أل"le " أو "la" و هم لا يأبهون بهذه التفاصيل عندما ذهبت إلى فرنسا أول مرة، انزعج مني محيطي و قالوا لي بأن أتكلم الفرنسية المحكية، فقد مات موليير و مات روسو و لم يبق منهم سوى كتاباتهم كمرجع لثقافة كانت بنت زمانها و اليوم زمان أخر، أما نحن فلن نترك ما كان عليه أبائنا و أجدادنا. و مثل الفرنسية مثل باقي اللغات الأجنبية، أما العربية فيبقى متحدثها إما متخلف (في نظر المجتمع "الراقي") أو جاهل