تفتّحت عيناه في حي القلعة، بجوار جامع السلطان حسن... ومنذ ذلك الحين امتزجت في وعيه التفاصيل الشعبية المصرية بالرسوم والصور التي كان يطّلع عليها في مجلة «الهلال» والمجلات الأجنبية. تفاعل المزيج على مهل، فعرف اللباد أنّه يبحث عن شيء جديد. دخل «كلية الفنون الجميلة» فدرس التصوير الزيتي، واستخدم التقنيات الحديثة لاستيعاب الأيقونات المصرية وأبطال السير الشعبية. اختزن الأدوات البسيطة التي يستخدمها المصري العادي في يومياته من تذكرة الترام إلى علبة الكبريت. لم يكن يعرف أنه سيصبح رائد تصميم الغرافيك في العالم العربي، وأسيحوز ألقاباً، لم يهتم بأن يحسبها لأنّه كان مشغولاً بالعمل لستّة أيام في الأسبوع، وبقي كذلك حتى رحيله.
بدء الصراخ
استخدم التقنيات الحديثة لاستيعاب الأيقونات المصرية وأبطال السير الشعبية
تلاميذه أكثر من أن نحصرهم، لكن لا أحد استطاع أن يقلّده. لم تحدد عطاءه الموهبة الكبيرة فحسب بل ثقافة أكبر منها، ومرونة جعلته منفتحاً على ما ينتجه العالم من فنون ومدارس. أضاف على هذه المدارس من خبرته، وقدمها إلى قرائه في كتبه «نظر» (أربعة أجزاء)، و«مئة رسم وأكثر»، و«كشكول الرسام»، و«الخط العربي»، وغيرها... وكل كتاب من هذه الكتب حديقة رسم وكلمات ومعرفة للكبار وللصغار، إذ أدرك اللباد أن الرسم هو الفن الذي لا يعوقه عمر المتلقي. استخدم التقنيات الحديثة لاستيعاب الأيقونات المصرية وأبطال السير الشعبية
في مجلة «سندباد» التي كانت تصدرها «دار المعارف»، بدأ اللباد مشواره مؤلفاً ورساماً للأطفال. منح له الفرصة الرائد الكبير حسين بيكار. من هناك، انطلق ليملأ الصحافة والفن العربي رسماً وإبداعاً وتأسيساًَ أيضاً. من بين المؤسسات التي شارك في تأسيسها صحيفة «السفير» اللبنانية التي وضع الماكيت الأساسي لها، فضلاً عن «دار الفتى العربي» في القاهرة. وبين هذا وذاك، كان لا بدّ له من أن يمرّ عبر أهم مدرسة كاريكاتور عربية، مدرسة مجلة «صباح الخير» التي قدمت فنوناً لم تقدمها دول بأسرها.
رحل محيي الدين اللباد، فلم تعد صناعة الغلاف وكتب الأطفال كما كانت قبله. لقد ترك في كل مجال خاضه زهرةً لا ينتهي عبيرها.