هذه الإجراءات الجديدة تزامنت مع اقتراب المواجهات بين القوات اليمنية والقوات السعودية من مدن كبرى كجيزان ونجران، ومع التقدم اليمني باتجاه ظهران عسير، واتساع نطاق الهجوم على الأرضي السعودية، وتصاعد الهجمات الصاروخية على منشآت عسكرية سعودية، الواقع الذي يبدو أنه غيّر اهتمامات الرياض العسكرية ووضعها في مواجهة حقيقية مع الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» في الحد الجنوبي للمملكة.
سحبت السعودية كل الامتيازات المالية التي حصل عليها أعضاء «مؤتمر الرياض»
مصدر مقرّب من حكومة هادي أكد في حديثٍ إلى «الأخبار» أن السعودية أوقفت أيضاً مختلف المخصصات المالية التي كانت تعتمدها بصورة شهرية للميليشيات التابعة لهادي والموالية لـ«التحالف» في مأرب والجوف وتعز والبيضاء. وأشار المصدر إلى أن السعودية والإمارات دفعتا هادي إلى إصدار قرار نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وطالبت حكومته بتحصيل الموارد المالية من المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، من دون أن تقدم أي التزامات بتقديم دعم مالي أو ودائع مالية لتأمين العملة الوطنية من الانهيار، وهو ما وضع حكومة بن دغر في مواجهة مع سلطات الأمر الواقع، من ميليشيات ومراكز القوى التي تسرق إيرادات الدولة المالية منذ أكثر من عام بتوجيهات من هادي.
ووفق مصادر محلية، فإن محاولات حكومة هادي فرض سيطرتها على عدن قوبلت بتصعيد مضاد من قبل «الحراك الجنوبي» المطالب بالانفصال، والذي بدأ بالترتيب لفعالية إحياء ذكرى «14 اكتوبر» في عدن. وتعيش حكومة هادي منذ عودتها في 22 أيلول الماضي إلى عدن تحت الإقامة الجبرية، حيث حصرت اجتماعاتها مع بعض المسؤولين المحليين في قصر المعاشيق المحاط بحراسة عسكرية إماراتية وسعودية مشددة، ولم تستطع فرض نفوذها لعدم امتلاكها أي قوات نظامية في عدن التي تحكمها ميليشيات متطرفة. وأكدت مصادر متطابقة أن محاولات هادي تحويل الموارد العامة للدولة إلى البنك المركزي في عدن قوبلت بالرفض من قبل السلطات المحلية في حضرموت والمهرة ومحافظة مأرب. ووفق مصدر محلي في حضرموت، رفض الشيخ هاشم الأحمر توجيهات بن دغر التي قضت بتحويل عائدات منفذ الوديعة البري، البالغة ملياري ريال شهرياً، إلى البنك المركزي في عدن، مبرراً ذلك بأن كل الإيرادات تصل إلى مأرب كمجهود حربي للقوات الموالية لـ«الإصلاح»، كذلك رفضت السلطات المحلية في محافظة مأرب الموالية لهذا الحزب توريد عائدات الغاز والنفط إلى البنك المركزي اليمني في عدن تحت المبرر نفسه.
ونتيجة لذلك، أكدت حكومة هادي أخيراً عجزها الكامل عن صرف مرتبات موظفي الدولة لأكثر من مليون و200 ألف موظف للشهرين الماضيين، والتي تتجاوز 75 مليار ريال شهرياً. حكومة هادي التي سبق أن استنجدت بالرياض لمساعدتها مالياً وتم تجاهل مطالبها، وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع أكثر من مليون موظف يمني كانوا يتقاضون مرتباتهم من البنك المركزي في صنعاء من دون انقطاع.
وتأكيداً لفشل هادي وحكومته في الوفاء بالتزاماتهم تجاه موظفي الدولة، تصاعدت المطالب الشعبية في مختلف المحافظات الجنوبية بصرف المرتبات، في ظل عجز كامل لحكومة بن دغر عن صرف مرتبات عشرات الآلاف من المتقاعدين من كبار السن. وعلى مدى الأيام الماضية، فشلت حكومة هادي في توفير مرتبات 36 ألف متقاعد مدني في محافظة عدن، وحاولت الاستعانه بالمصارف الأهلية لاقتراض 200 مليون ريال لصرفها كدفعه أولى تليها دفعات أخرى.