إنّها الذكرى الثالثة والأربعون. ذكرى الحرب الأهليّة اللبنانية. هذه الذكرى التي يُهيّأ لنا في لحظات اليأس والإحباط، أننا سنبقى نحييها حتى نهاية العالم. نحييها، كأن الفولكلور يخفف من وطأة اللعنة الملازمة لهذا الوطن الذي اسمه لبنان. كأننا لا نرى الحروب الأهليّة التي تحاصرنا من كل حدب وصوب. كأننا لا نريد أن نرى، لا نريد أن نعترف، أن الحرب لم تنتهِ، لأننا لم نفعل شيئاً لإنهائها. لأننا لا نريد انهاءها ربّما، أو اننا عاجزون عن ذلك. لأننا لم نحيِ بعد مراسم الجنازة، ولا نمتلك جرأة المصالحة الوطنيّة، خارج الشعارات السياسيّة الفارغة، والانتهازية، المجبولة في طين «التكاذب» الوطني. الحرب هنا، المهجرون، المفقودون، الندوب الظاهرة في العاصمة، أو المدفونة في اللاوعي الجماعي، لأننا ببساطة لم نقم كشعب باجتثاث أسباب وجودها من الجذور. إحدى اللوائح الانتخابيّة في الجبل، تذكّرت أخيراً شعار «المصالحة»، بعد كل هذه السنوات، لأسباب آنية وانتهازيّة ضيّقة. أما وزير الداخلية، المولج حماية السلم الأهلي، فرصّع حملته الانتخابيّة في بيروت بالتحريض على الخصوم، مذهبياً وأيديولوجيّاً… إذا لم تكن هذه الحرب الأهليّة الدائمة، الحرب التي لا تنتهي من الانتهاء، فما عساها تكون؟