بريطانيا، من جهتها، أشارت على لسان ناطق باسم رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، أمس، إلى أنها تعمل «عن قرب مع حلفائنا في شأن كيف سنتعامل مع مجموعة من التحديات التي تشكلها إيران في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضايا التي اقترح الرئيس ماكرون أن يتضمنها اتفاق جديد». أما بالنسبة لألمانيا، فإن «الموقف يظل واضحاً: أهم أولوية هي الحفاظ على الاتفاق النووي وتطبيقه في شكل كامل من كل الأطراف»، وفق ناطق باسم الخارجية الألمانية. ورأت برلين أن «الاتفاق النووي تم التفاوض عليه بين سبع دول والاتحاد الأوروبي، ولا مجال لإعادة التفاوض عليه. لكن من الواضح أيضاً أنه بعيداً من الاتفاق النووي، نريد أن نضمن أن برنامج إيران النووي يستخدم حصرياً للأغراض السلمية». وكررت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، من جانبها، التمسك بالحفاظ على الاتفاق، لكنها رأت أنه «يمكن إضافة بعض البنود من دون المساس بالاتفاق الذي تطبقه طهران».
تحدّث ديبلوماسيون أوروبيون عن إجراءات منفصلة قد تُتّخذ ضد طهران
المواقف الأوروبية، بما فيها موقف ماكرون، وعلى رغم أنها بدت ملتبسة، فإنها تتقاطع جميعها عند تجنيب الاتفاق الانهيار، ومحاولة كسب موقف ترامب نحو مزيد من التفاوض والتريث، بما يفسح المجال أمام تدارس الخيارات البديلة. وإن كان ماكرون انضمّ إلى مطلب ترامب إقرار اتفاق جديد، فإن ذلك سيبقى، كما أكد الرئيس الفرنسي نفسه، رهن مفاوضات شاقة مع بقية الأطراف، سواء إيران أو الشركاء الدوليين، الأمر الذي يفرّغ تصريح ماكرون من فعاليته، وإن كان يقدم لترامب مخرجاً لتأجيل تمزيق الاتفاق، ويُعلِّق آماله على فكرة غير واقعية، أي انتظار اتفاق جديد. لكن ترامب لم يقدم إلى الآن ما يؤكد نجاح المساعي الأوروبية المتواصلة منذ أسابيع، لثني واشنطن عن الانقلاب على الاتفاق في 12 أيار المقبل.
لا موقف أميركياً، أو فرنسياً، حتى حينه يؤكد بصورة قاطعة نجاح ماكرون في انتزاع تجاوب واضح من ترامب مع المساعي الأوروبية، سوى حديث مبعوث واشنطن لشؤون منع الانتشار النووي، كريستوفر فورد، أمس، عن أن بلاده «لا تسعى لفتح اتفاق إيران النووي أو إعادة التفاوض عليه من جديد». إذ أوضح فورد أن ما تأمله الحكومة الأميركية هو «البقاء في الاتفاق لإصلاح ما فيه من عيوب من خلال اتفاق تكميلي». لكن المسؤول الأميركي اكتفى بالقول: «آمل أن يكون قد تم إنقاذ الاتفاق النووي»، في معرض تعليقه على محادثات ترامب مع ماكرون.
على الضفة الإيرانية، أتى الرد سريعاً، وعلى نحو متوقع، ليجدد التأكيد على رفض طهران التفاوض حول الملفات الثلاث: الاتفاق نفسه وتفاصيل مداه الزمني، وبرنامج إيران الصاروخي، ودور طهران الإقليمي. وبدا الرئيس حسن روحاني حازماً في التشديد على أنه «لن تضاف أو تحذف أي كلمة من الاتفاق». وسخر روحاني من انشغال قمة ترامب وماكرون بملف إيران، قائلاً: «يقول إلى جانب رئيس دولة أوروبية: نريد أن نقرر في شأن اتفاق تم التوصل إليه بين سبعة أطراف، للقيام بماذا؟ وبأي حق؟». وانتقد روحاني الرئيس الأميركي الذي «لا يملك أي حنكة في السياسة ولا في مجال القانون أو الاتفاقات الدولية»، متسائلاً: «رجل أعمال أو تاجر أو باني أبراج، كيف يمكن له أن يصدر حكماً في القضايا الدولية؟». وغمز روحاني من قناة ماكرون بالقول: «إذا أرادت أوروبا إرضاء ترامب علیها أن تدفع من جیبها ولیس من جیب الشعب الإیراني»، مخيّراً منتقدي الاتفاق بين أن «يقبلوا به أو یغادروه». وكانت لافتة في تصريحات روحاني إشارته إلى اتصال مع نظيره الفرنسي، أعرب فيه الأخير عن اعتقاده بأنه «من غير المناسب إحداث تغيير في الاتفاق». وهدد روحاني ترامب، في حال فشل الاتفاق، بالعودة السريعة إلى الأنشطة النووية، و «برامج جدیدة وشاملة معدّة للتنفیذ»، مخاطِباً الشعب الإيراني بالقول: «أطمئنكم فيما لو فشل الاتفاق النووي، فإن الدول الغربية هي التي ستتوسل إلينا للحضور إلى طاولة المفاوضات». وشنّ الرئيس الإيراني هجوماً على الوجود الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، معتبراً أنه «لم يسفر سوى عن تفشي انعدام الأمن والاستقرار».
من جهته، جدّد الكرملين، تمسكه بالاتفاق النووي، كما جاء على لسان المتحدث باسم الرئيس الروسي، ديميتري بسكوف، الذي أكد، أمس، أن موسكو تريد الحفاظ على الاتفاق «في شكله الحالي، ونعتقد أنه في الظروف الحالية لا يوجد أي بديل لهذا الاتفاق».