حصد طرابلسي 13 ألف صوت تفضيلي ليكون السُنّي الثاني في بيروت بعد سعد الحريري
كان لدى «المشاريع» أكثر مِن مرشّح، في أكثر مِن دائرة، إنّما لم يصل إلى مجلس النوّاب إلا طرابلسي عن بيروت. العاصمة مركز ثقل الجمعيّة، على رغم محافظتها على نشاطها في الأطراف (حلّ مرشّح المشاريع في طرابلس، طه ناجي، في المركز السادس، بعد كل من نجيب ميقاتي ومحمد كبارة وسمير الجسر وفيصل كرامي وأشرف ريفي) وكلمة السرّ في كلّ ذلك واحدة: الخدمات. لديهم مدارس، مستوصفات، تعاونيّات، برامج عمل، مساعدات اجتماعيّة، والكثير مِما يُعرّف بالأنشطة الخيريّة والثقافيّة والتربويّة. لا يفوت طرابلسي أن يُذكّر بالتنويهات التي نالوها مِن وزير التربية، أخيراً، بالنتائج التي حققتها مدارسهم. هذا بعض مِن أسرار «ثبات» هذه الجماعة، في لبنان، على رغم كلّ التحوّلات التي عصفت بكثيرين خلال العقود الماضية. كيف فعلتم ذلك؟ يحكي طرابلسي: «هذه نتيجة برامجنا التربويّة لأجيال أنصار المشاريع، رجالاً ونساء وأطفالاً. أنا لم أتكلّف دولاراً واحداً مِن جيبي في حملتي الانتخابيّة، لأنّ كلّ شيء كان تقدمة مِن أنصار المشاريع، وهم الذين دفعوا مِن جيوبهم ثمن القمصان والأكل والشرب والسيارات وحتّى البنزين. سأكون عند ثقتهم، بل عند ثقة الجميع، الذين انتخبوني والذين لم ينتخبوني». قال دولاراً ولم يقل ليرة. بالمناسبة، طرابلسي هو الأوّل في دائرة بيروت الثانية لناحية عدد الأصوات التي نالها في أقلام المغتربين. هذا أيضاً ليس عابراً. مَن يُتابع أخبار «المشاريع» يعلم ثقلهم الاغترابي في ألمانيا ودول اسكندنافيا وصولاً إلى كندا. ثقلهم هناك، فضلاً عن الجانب الدعوي الديني، هو أيضاً تجاري. إنّهم يُحبّون مختلف أنواع المشاريع «الحلال» (طبعاً). مَن يعرف إصرارهم على الأسلوب الدعوي، وكيف يقصدون منازل الناس لتثقيفهم على «التوحيد» (وفق رؤيتهم)، واستماتتهم في إيصال الفكرة، سيعرف بالتالي طبائعهم في مختلف أنواع المشاريع.
صحيح أنّ طرابلسي يقطع بأنّ جماعته على ما هي عليه، لناحية ثبات أيديولوجيّتهم الدينيّة، إلا أنّ المراقب يُلاحظ أنّهم أصبحوا أخيراً أكثر مرونة. سابقاً عُرِف عنهم الكثير مِن «الشطحات» الغرائبيّة في التديّن، وإن كان بعضها أشاعات ساقها الخصوم، لكن عموماً النائب الآن يقول: «نحن نربّي أجيالنا على الاعتدال والوسطيّة، وفق الآية: وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً». يتحدّث عن انفتاحه على الجميع، مِن كل المذاهب والمناطق، وكذلك «طوال الفترة الماضية لم نقطع مع أحد». فجأة يستحضر أنّ ابنته، واسمها فاطمة، عندما أنجبت توأماً ذهب هو إلى «الشيخ» واستشاره في تسميتهما، فقال له: حسن وحسين... وهذا ما كان. حفيداه كانا إلى جانبه، بعد الانتخابات، محمولاً على الأكتاف مِن ساحة أبو شاكر وصولاً إلى البسطة. طرابلسي حليف حزب الله وحركة أمل في لائحة «وحدة بيروت» التي فاز مِنها أربعة نوّاب، أين سيكون في مجلس النوّاب؟ أضمن تكتّلٍ ما أم وحده؟ بديهي هو أقرب إلى حلفاء اللائحة، لكن «هذا أمر لم نناقشه بعد. سندرس كلّ شيء في موضوع التحالفات، يدنا ممدودة للجميع، لكل شخص يريد مصلحة بيروت ولبنان».
طرابلسي: نحن جمعيّة سُنيّة وعلناً على خلاف عقائدي جذري مع جماعة الإخوان والوهابيّة
يُشبه طرابلسي، في الشكل، الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان. خصوصاً عندما يعفي عن شاربه. لعلّه لن يُحبّ هذا الشبه، لكنّه واقع، وهذه في النهاية «خلقة الله». أردوغان «إخونجي» وطرابلسي آتٍ مِن جماعة «لا تطيق» تلك الجماعة. يقولها بوضوح: «نحن جمعيّة سُنيّة على سن ورمح، علناً، نتّبع مذاهب أهل السُنّة والجماعة، ونعم نحن على خلاف عقائدي مع حزب الإخوان والوهابيّة، خلاف عقائدي جذري». معروف عن «المشاريع» أنّها ذات نزعة صوفيّة، وأنّها أشعريّة في العقيدة وشافعيّة في المذهب الفقهي. السجالات في هذه القضايا كثيرة ومريرة. أمّا عن سوريا، والعلاقة التاريخيّة لطرابلسي وجماعته معها، فيقول: «نحن شعب واحد، علاقتنا هي علاقة أخوّة، نُريد أن تتوحد كلمة العرب والمسلمين. كان هناك رجل اسمه جمال عبد الناصر، رحمه الله، كان قائداً للأمّة، وإن شاء الله يأتي قائد مثله يجمع هذه الأمة». لعلّه الإسلامي السُنّي الوحيد الذي يترحّم بهذه الطريقة على عبد الناصر. ولعلّها أيضاً النكاية بجماعة «الإخوان المسلمين» ومعهم «السلفيّة الوهابيّة». ختاماً مع سوريا، موضحاً: «سوريا ولبنان وهذه المنطقة تاريخيّاً هي برّ الشام». لنأمل ألا يُزعج هذا حليف عدنان طرابلسي في اللائحة، إدغار طرابلسي، القسيس الفائز عن المقعد الإنجيلي في بيروت... الذي رشّحه التيّار الوطني الحر.