بات ينبغي لأي ترتيب يهدف إلى إخضاع الشعب الفلسطيني أن يمرّ عبر قطاع غزة
ولفتت «هآرتس» إلى أن إعلان «صفقة القرن» بات وشيكاًَ، وأنها لا تتضمن إخلاء البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك المستوطنات «المعزولة»، وعلى أن تبقى منطقة الأغوار تحت السيطرة الكاملة للاحتلال الإسرائيلي. استناداً إلى ذلك، رأت الصحيفة أن الدولة الفلسطينية، وفق «صفقة القرن»، ستكون «دولة ناقصة»، ومن دون جيش أو أسلحة ثقيلة، مقابل «حزمة من الحوافز المادية الضخمة» المقدمة من السعودية ودول خليجية أخرى. وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن هناك «مخاوف» أردنية من أن تُمنَح السعودية – بموجب الصفقة الأميركية - موطئ قدم في الحرم القدسي، وهو ما يعني سحب الامتياز الأردني في الإشراف على الأوقاف الدينية الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة. هذا مع العلم أن نتنياهو تعهد للملك الأردني، عبد الله الثاني، خلال لقائهما الأخير في عمان، بـ«الحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة».
على خلفية هذه التقارير، ستجد السلطة الفلسطينية نفسها بين خيارين: إما الانقلاب على شعاراتها التي انحدرت إلى الحد الأدنى، والقبول بالصيغة الأميركية التي صيغَت وفق متطلبات اليمين الإسرائيلي، وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى مزيد من الإحباط في الشارع الفلسطيني ويقوّض امتدادها الشعبي... أو الإصرار على رفضها المعلن، التزاماً بالموقف الذي أعلنته مع الاعتراف الأميركي عن القدس عاصمة لإسرائيل، وهو ما سيُعرضها للمزيد من الضغوط السعودية والأميركية ويدفعها بالضرورة نحو انتهاج خيارات بديلة أقرب إلى طموحات الشعب الفلسطيني.
على خط موازٍ، ونتيجة موقع غزة ودورها في مواجهة مخطط «صفقة القرن» بفعل تعاظم قدرات فصائل المقاومة، بات ينبغي لأي ترتيب يهدف إلى إخضاع الشعب الفلسطيني أن يمرّ عبر القطاع، إما احتواءً أو ضغطاً أو إغراءً... ولهذه الغاية، كان من الطبيعي أن يكون قطاع غزة على طاولة اللقاء الذي جمع نتنياهو مع المبعوثين الأميركيين، أمس.
وهو ما أكده البيان الصادر عن البيت الأبيض بالقول إن المجتمعين ناقشوا سبل «تخفيف حدّة الأوضاع الإنسانيّة في قطاع غزّة، مع الحفاظ على أمن إسرائيل»، بالإضافة إلى ترتيبات «صفقة القرن». ضمن هذا الإطار، أكدت تقارير إعلامية إسرائيلية أن إدارة ترامب تسعى إلى جمع أكثر من نصف مليار دولار من دول الخليج للمضي في مشاريع إعادة إعمار قطاع غزّة، على أن تكون في سيناء بدلاً من داخل القطاع. وأكدت «هآرتس» أن الإدارة الأميركية تأمل أن تساهم هذه المشاريع في تهدئة «التوتّرات الأمنية الإسرائيليّة مع قطاع غزّة»، ما سيخلق «أجواءً إيجابيّة» أثناء عرض «صفقة القرن».