هنا، لفتت الجريدة اللندنية التي تأسست في عام 1986 إلى أنّ المواقع الإلكترونية المرتقبة ستزوّد القرّاء بأخبار «ذات جودة عالية، تنطوي على الكثير من حرّية التفكير والاستقلالية، محلياً وعالمياً»، على أن تتوافر في كلّ منها ترجمات لمقالات واردة في النسخة الأم الناطقة بالإنكليزية، ولمحتوى يقدّمه صحافيو SRMG الذين يتخذون من لندن وإسلام آباد وإسطنبول ونيويورك مقارّ لهم، بالإضافة إلى فرق عاملة في الرياض ودبي.
تزايد المخاوف بشأن تزايد تأثير الأموال الخليجية في الميديا البريطانية
وشدّدت الـ «إندبندنت» على أنّ جميع الممارسات التحريرية والمنتجات النهائية سـ «تتواءم مع معاييرنا العالية وقواعد السلوك التي نتبعها»! من جهته، رأى زاك ليونارد، مدير Independent Digital News & Media، أنّ هذه الخطوة تعدّ «صفحة جديدة تحمل معها فرصة ثمينة للبناء على تراثنا وشهرتنا، ولزيادة انتشارنا في الشرق الأوسط. نتطلّع إلى عرض أفكار جديدة، وإثارة نقاشات مع جماهير جديدة في جميع أنحاء المنطقة وخارجها».
إعلان هذا الخبر لم يمرّ مرور الكرام في بريطانيا، إذ أكدت صحيفة الـ «غارديان» أنّ من شأنه أن يولّد «تساؤلات عن التأثير المتنامي للأموال الخليجية في الإعلام المحلي»، كاشفة أنّ عناوين المواقع الجديدة سُجّلت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. جاء ذلك بعدما بيعت في الصيف الفائت نسبة 30 في المئة من أسهم الـ «إندبندنت» (تصدر إلكترونياً فقط منذ 2016) لرجل أعمال سعودي يُدعى سلطان محمد عبد الجدايل، لم يبد أي اهتمام سابق بالميديا البريطانية. يومها، قيل إنّه يعمل في NCB Capital، إحدى أذرع «البنك الأهلي التجاري» الرسمي، ما أثار بلبلة كبيرة، على الرغم من أنّ الشاري قدّم أوراقاً توضح أنّه يستثمر لـ «مصالح شخصية».
أحد مصادر النقد الأخرى ترتبط بمدى صدقية ما قالته الـ «إندبندنت» عن المعايير والحرية وإمكانية تطبيقه، ولا سيّما أنّ شريكها الجديد على علاقة وثيقة جداً بالحكومة السعودية، كذلك فإنّ المملكة تحتل المرتبة 169 من أصل 180 وفق أحدث التقارير الصادرة عن «مراسلون بلا حدود» بشأن مؤشّر حريدة التعبير، فضلاً عن أنّ المؤسسات الإعلامية في المملكة كناية عن بوق يرجّع «إنجازات» محمد بن سلمان وسياسته. وتساءلت الـ «غارديان» عن هامش الحرية الذي قد تتمتع به النسخة الفارسية مثلاً، خصوصاً أنّ الصراع المحتدم بين السعودية وإيران مستمرّ بأشكال مختلفة.
صحيح أنّ تداعيات الاتفاق ستظهر خلال الفترة المقبلة، لكن لا بد من الإشارة إلى أنّ الـ «إندبندنت» ليست أوّل مؤسسة إعلامية غربية تبرم صفقة من هذا النوع مع «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق». فقد سبقتها إلى ذلك في 2017 وكالة «بلومبيرغ» الاقتصادية النيويوركية في سبيل إطلاق خدمة أخبار مالية ناطقة بالعربية.
تساؤلات عن جدوى الشراكة مع بلد متأخّر في حرية التعبير
على أي حال، لا شك في أنّ المخاوف والتساؤلات في مكانها للاعتبارات المذكورة آنفاً وغيرها. ومن المفيد أن نتذكّر تجربة «هافنغتون بوست عربي» في صيف 2015. تماهت هذه المنصة مع سياسة المشرف العام عليها وضّاح خنفر، ومع أفكاره، وصارت «إخوانجية»، على الرغم من كثرة الوعود بـ «الحرية والتوازن بعيداً عن الاستقطاب والإقصاء». لكن مع الوقت، أعلن في الربيع الماضي انتهاء العمل بالموقع، مع تحدّث مصادر عن إلغاء الشركة الأم للاتفاق مع شركة «إنتيغرال ميديا» التي يملك خنفر النسبة الأكبر من أسهمها، على خلفية امتعاضها من «تشويه النسخة العربية لسمعة المؤسسة العالمية».