لا مفاعيل لإنذارات المالكين؟
وفي هذا السياق، يبرز قرار قضائي جديد صدر في 19 أيلول الماضي عن القاضية المنفردة المدنية في بيروت الناظرة في دعاوى الإيجارات فاطمة جوني. القرار قضى بتعليق تنفيذ الزيادات الطارئة على بدلات الإيجار التي فرضها قانون الإيجارات الجديد، وباعتبار أن الإنذارات المُرسلة من قبل مالكي الأبنية المؤجرة القديمة لا مفاعيل لها. جوني استندت في قرارها إلى المادة 58 من القانون الصادر عام 2017، والتي قضت بـ«تعليق تطبيق أحكام مواد هذا القانون على الفئة التي تستفيد من مُساعدات الصندوق إلى حين بتّ مسألة تمويله لمُساعدة المُستأجرين الأكثر هشاشة». كذلك استندت الى المادة 8 التي أتاحت للمُستأجر الراغب في الحصول على مساهمة من الصندوق تقديم طلب الى اللجنة المختصة، ونصّت على تعليق مهلة دفع الزيادة من تاريخ تقديم الطلب إلى حين نفاذ قرار اللجنة بالموافقة أو المُساهمة.
ومن المعروف أن المادة 58 هذه من التعديلات التي أضافها مجلس النواب عندما أقرّ قانون الإيجارات الجديد (الصادر عام 2014). واعتبرت جوني أنه «طالما أن القانون الصادر عام 2017 هو قانون مُعدّل للقانون الصادر عام 2014، فيكون قد ألغاه ضمناً وحلّ محله، وأصبح هو النافذ والمُطبّق على كل الدعاوى المقامة في ظل القانون المُعدّل».
هذا الأمر يعني، بحسب خلاصة الحكم، أنّ بتّ دعاوى الإيجارات القائمة حالياً يجب أن يستند الى القانون الصادر منذ عام تقريباً، مع ما يشمله من تعديلات حول بدلات الإيجارات (قضت التعديلات، مثلاً، بخفض بدل الإيجارات من 5% من قيمة المأجور سنوياً الى 4%)، وبالتالي فإنّ التخمينات التي حصلت قبل 2017 تُعدّ «لاغية» تبعاً لتغيير معادلة الاحتساب. كما تعيد هذه الخلاصة طرح مسألة سريان مهل تنفيذ القانون، إذ إنّ تحرير العقود يتم بعد مضيّ تسع سنوات من نفاذ القانون، فهل يتم احتساب المهل بدءاً من عام 2014، تاريخ صدور القانون، أم بدءاً من 2 آذار الماضي، تاريخ نشر القانون المُعدّل في الجريدة الرسمية؟
بحسب جمعية «فكر»، فإنّ هذا الحُكم يُعدّ مهماً «لناحية فتح باب الأبحاث القانونية والقضائية تمهيداً للتوصل إلى الحل المناسب للعمل به في الدعاوى والنزاعات المتعلقة بالإيجارات القديمة». واعتبرت أنه رغم أنّ الحكم علّق ظاهرياً تطبيق بعض مواد القانون وحسم بعض المواد الأخرى وآلية تطبيقها (...)، وأراح بشكل أو بآخر فئة المستأجرين، «إلا أنه أبقى الباب مفتوحاً بالحفاظ على حق المالك بالمطالبة بالزيادات القانونية (...) وبالتالي، فإن حق المالك بالحصول على كامل الزيادات تبقى محفوظة لحين إنشاء الصندوق وتحديد اللجان المختصة وفقاً للنصوص القانونية والمواد المنصوص عنها في القانون 2/2017 النافذ حكماً».
القانون الصادر عام 2017 مُعدّل لذاك الصادر عام 2014 فيكون قد ألغاه ضمناً وحلّ محله
منذ أربع سنوات، بقي «النزاع» قائما بين المُستأجرين القدامى الذين فشلوا في تنفيذ مطلبهم الرامي إلى إلغاء القانون الذي حرمهم حقّهم في التعويض ولم يُراعِ أوضاعهم الاقتصادية عندما فرض معادلات الزيادات على الإيجار، وبين مالكي الأبنية المؤجرة القديمة الذين استشرسوا في الدفاع عن حقّهم في رفع «الغبن» اللاحق بهم منذ تجميد بدلات الإيجارات منذ سنوات طويلة. وطوال هذه الفترة اختُصر هذا الملف الاجتماعي بالتركيز على «النزاع» بين مالكين ومستأجرين، فيما المعضلة الكبرى تكمن في كيفية معالجة (أو عدم معالجة) الدولة لهذا الملف بما ينصف الطرفين وضمن رؤية عادلة للحق في السكن. وما صيغة القانون نفسها إلا دليل على «تغييب» الدولة نفسها عبر تعمّدها صياغة نص متروك للتأويل ومثير للاختلاف.
اعتصام للمستأجرين أمام بيت الوسط
يستأنف المُستأجرون القدامى تحرّكاتهم «الميدانية»، ويُنظّمون الخامسة عصر اليوم وقفة إحتجاجية أمام «بيت الوسط» للمطالبة بـ«تعديل قانون الإيجارات التهجيري»، و«اعتراضاً على توقيع المراسيم قبل تعديل قانون الإيجارات».
... والمالكون يطالبون بتحرير الأبنية التجارية
طالبت «نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة القديمة»، في بيان أمس، بإصدار مراسيم قانون الإيجارات «لأنّ المالكين والمستأجرين غير قادرين على تحمّل الأعباء المادية جراء إدخالهم في نزاعات قضائية مكلفة، بسبب تحريض بعض المحامين للمستأجرين ضدّ المالكين وإيهامهم بأنّ قانون الإيجارات الجديد غير نافذ، فيما العكس هو الصحيح (...)». اللافت أن المالكين طالبوا لجنة الإدارة والعدل بدرس مشروع قانون لتحرير الأقسام غير السكنية التي ينتهي مفعول التمديد فيها نهاية العام الجاري.