كان برنامج الجولات المشار إليها في المخيمات لافتاً، حتى بدا لبعض المراقبين أنّ ذلك «محاولة لتذكير فلسطينيي الشتات بأن حماس هي حركة المقاومة في الأساس، بعد أن اتهمها البعض بلعب دور في الاشتباكات المسلحة بين فتح والمجموعات الإسلامية في عين الحلوة والمية ومية». توزع أعضاء الوفد الأدوار. مشير المصري، القيادي المرجَّح تعيينه في منصب داخل «حماس»، تولى هو زيارة مخيمي نهر البارد والبرج الشمالي، إضافة إلى «تجمّع اللاجئين» في وادي الزينة. أما مروان أبو راس وصلاح البردويل فزارا عين الحلوة، قبل أن يزور الوفد مجتمعاً مخيم الجليل (مع الزهار وفرج الغول) في بعلبك.
يقول الكيلاني: «اصطدام المصالحة مع فتح بحائط مسدود، إضافة إلى تصعيد السُلطة تجاه غزة وحماس، سببان رئيسيان للزيارة، وذلك إضافة إلى تفعيل دور المجلس التشريعي بالتواصل مع العالم الخارجي». لماذا الآن؟ فيقول: «حصلت الزيارة عندما نال الوفد إذن السلطات المصرية للخروج من القطاع إلى مصر عبر معبر رفح». رحلة «الخروج» كانت من مصر، ثم إلى جنوب أفريقيا في زيارة رسمية، قبل الوصول إلى بيروت فجر الأربعاء الفائت. هنا، تركت الزيارة بصمتها بين فلسطينيي الشتات المتعلقين بانتصارات المقاومة في غزة والضفة، في مقابل تراجع دور «فتح» الوطني. مصادر فلسطينية مواكبة رأت في الزيارة «خطوة تأسيسية مهمة على طريق تشكيل جبهة من حماس وعدد من الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية الرافضة لسياسة أبو مازن في السلطة والحركة». تستطيع «حماس» استقطاب الجماهير من حولها كما فعلت قبل 26 عاماً عقب الانتفاضة الأولى التي «خلقت الحركة».
تعمّد الزهار زيارة مخيم المية ومية لتنفيس الاحتقان بعد الاشتباكات الداخليّة الأخيرة
غادر الزهار وإخوانه بيروت إلى تركيا، أمس، للمشاركة في مؤتمر برلماني. بعد ذلك، ستكون العاصمة الإيرانية طهران وجهتهم، حيث يلتقون القيادات الرسمية، قبل أن يحطوا في الجزائر. مرور الزهار الإيراني ليس استثنائياً. الرجل من أبرز مؤيدي العلاقة القوية بين «حماس» وسائر محور المقاومة. مصادر لبنانية مواكبة للزيارة قالت إن الزهار «لم يطلب اللقاء مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، كما جرت العادة مع قياديي الصف الأول في المقاومة الإسلامية الفلسطينية». من جهته، أوضح الكيلاني أن الزيارة برلمانية رسمية وتأتي في إطار لقاءات مع ذوي الصفة التشريعية، على غرار اللقاء الذي حصل مع وفد من «كتلة الوفاء للمقاومة» في لبنان. طلب اللقاء مع نصرالله ربما يكون حتمياً في حال إتمام الترتيبات بين «حماس» والسلطات المصرية، بغية مغادرة رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنيّة، من غزة للمرة الأولى منذ سنوات في جولة خارجية ستقوده أولاً إلى بيروت. هذا ما يعلنه الكيلاني. مصادر معنية رجّحت منح مصر تسهيلات غير مسبوقة لقياديي «حماس» في الحركة عبر معبر رفح، وذلك «رداً على تقارب أبو مازن مع القطريين والأتراك».