منعت الشرطة الفرق الإسعافية والسيارات التي تحمل المصابين من الوصول إلى المستشفيات
جُلّ ما يتمناه البشير، هو الوصول إلى عتبة الانتخابات، سواء كانت مبكرة أو في أجلها الزمني المحدد عام 2020. هو الحل الوحيد الذي رفعه البشير أمام مؤيديه في أكثر من مناسبة. وبحسب مراقبين، يراهن حزب «المؤتمر الوطني»، على أنه من أكثر الأحزاب تنظيماً في الساحة السياسية، بعد أن عمل على إضعاف الأحزاب الموالية له، بتشريد كوادرها خارج البلاد، أو ضمها تحت منظومة أحزاب «الحوار الوطني»، المشاركة في السلطة. لذا، فإن التوافق على الارتهان لصناديق الاقتراع، يعتبر طوق نجاة البشير، ويتضح ذلك، في حديث نائب رئيس حزب «المؤتمر الوطني»، فيصل حسن إبراهيم، الذي خرج مباهياً، مساء أمس، في اختتام اجتماع المكتب القيادي لحزبه، قائلاً إن البناء التنظيمي للحزب قد اكتمل في تسع ولايات، بمشاركة ستة ملايين من أعضاء الحزب.
تعويل البشير على الانتخابات، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم، الطيب زين العابدين، «غير مقبول». إذ اعتبر، في حديث إلى «الأخبار»، أن حكومة البشير «لا تمتلك الشرعية السياسية، لأنها أتت بانقلاب عسكري أولاً، ولأن كل الانتخابات التي أجرتها سابقاً، وآخرها عام 2015، قاطعتها كل الأحزاب السياسية، التي اعتبرتها انتخابات الحزب الواحد، وأنها غير نزيهة». ثم أن حزب «المؤتمر الوطني»، «يسخر إمكانيات الدولة لتقوية وتنظيم نفسه»، كما يقول زين العابدين. وبرأيه، «لا يوجد حل أمام الحكومة، إلا عبر الوصول إلى تسوية سياسية مع تجمع المهنيين، تكون مدعومة من القوات المسلحة». وتشمل التسوية، وفق زين العابدين، «تمثيل تجمع المهنيين في الحكومة، وتعديل الدستور بما يُجرد الرئيس من جميع السلطات، على أن تُعطى لحكومة انتقالية، وأن تحل جميع البرلمانات، وأن تتكون سلطات انتقالية بعدد محدود، وأن يحدد تجمع المهنيين مواعيد للانتخابات، لتكوين حكومة مصغرة لإدارة البلد». ويرى أستاذ العلوم السياسية، أن «تجمع المهنيين يتمتع بمصداقية عالية لدى المواطنين، لدرجة مكنته من تحريك التظاهرات في 12 مدينة، في الوقت ذاته، وهو أمر غير مسبوق».
في المقابل، لا يبدو وارداً لدى الشارع، القبول بأي تسويات سياسية مع الحكومة الحالية في الوقت الراهن. فالحكومة بحسب أنس بدر، أحد الشباب المشاركين في حركة الاحتجاجات، «لا تمتلك حلاً ولا مصداقية»، وأن «الحل الوحيد هو إسقاطها» كما يقول. وأضاف بدر، في حديث إلى «الأخبار»، أنهم كمحتجين، يرفضون «أي طرح لحوار أو تسوية»، موضحاً أن «الشباب الثائر، يمتلك من الوعي السياسي، بما يمكّنه من الحفاظ على ثمار ثورته، من أن يتم اختطافها». ولفت بدر إلى أنهم كشباب، «لا يثقون بالحكومة ولا بالأحزاب السياسية، سواء المعارضة أو المشاركة في السلطة»، مضيفاً: «نريد حكومة تكنوقراط، تدير البلد إلى أن يتم التوافق على نظام ديموقراطي».
إزاء انسداد الأفق لتهدئة المحتجين، كتب رئيس الوزراء، معتز موسى، في منشور له في «فايسبوك»، يستجدي «طيبة» الشعب، قائلاً، إن «الشعب السوداني، شعب طيب، لا يعرف هذا السلوك الذي يروج له الخارجون عن القانون». كما دفع موسى، بحزمة من الإجراءات المكررة، منها زيادة أجور العاملين في الدولة، والإعلان عن بواخر محملة بالوقود في طريقها إلى البلاد، ودخول منتجات مصرية، وانخفاض الأسعار، وحل مشكلة السيولة، وغيرها من «التبشيرات»، التي أثارت حملة واسعة من السخرية في مواقع التواصل، أكدت له أن الأوان قد فات، وأن المطلب الوحيد الآن هو «إسقاط الحكومة».