يمكن تصنيف عمال المراكز كالآتي: ثلث يعمل فعلياً، وثلث يحضرون من دون عمل، وثلث لا يحضرون ولا يعملون
على أن هذه ليست سمة خاصة بمنطقة البقاع، ولا بوزير معيّن. بل هي سمة «العهود» التي تعاقبت على الوزارة. في عهود أخرى سابقة، مثلاً، استحدثت أيضاً مراكز بلا أمكنة، وبعمال أشبه بـ«الملائكة» لا يظهرون سوى في… لوائح القبض، كما في عين عطا وعيحا وجزين وشبعا وغيرها. اليوم، تحوي تلك المراكز، الوهمية منها والقائمة فعلاً - وعددها 25 مركزاً - 430 عاملاً موسمياً يمكن تصنيفهم وفق «الحسبة» الآتية: ثلثهم يحضرون ويقع على كاهلهم كل عبء العمل، وثلث يحضرون ولا يعملون، وثلث من«العمّال» لا يحضرون ولا يعملون... ولا يعرف أحد لهم صورة ولا محلّ إقامة! وفي أحسن الأحوال قد تصل النسبة في بعض المراكز الى «نص بنص». لمزيد من التفصيل، وبالأرقام: في مركز معاصر الشوف 30 عاملاً (بين رئيس مركز وسائقي جرافات ونسافات وعمال) يعمل فعلياً منهم 7 فقط؛ في إهمج 13 من 26؛ في تنورين 7 من 25؛ في الأرز 10 من 33... وهكذا. وحتى في المراكز التي تعد نقاطاً «ساخنة»، ثمة من يكدّ ويعمل، ومن لا يحضر ولا يعمل. فمركز ضهر البيدر، مثلاً، يضم 35 عاملاً يعمل منهم فعلياً 17 فقط. في عز العاصفة، يحتاج خط ضهر البيدر الى أربعة دوامات عمل على مدار الساعات الأربع والعشرين، بمعدّل 6 عمال في الـ«شيفت»، أي 24 عاملاً خلال 24 ساعة. لكن، في ظل هذا الواقع، وبرغم «وجود» 35 موظفاً، يبقى مركز ضهر البيدر «مكسوراً» على سبعة عمال.
يبدأ عمّال المراكز عملهم - الموسمي - مطلع تشرين الأول وينتهي بحدود شهر نيسان، أي سبعة أشهر، على أن يصدر بهم مرسوم من مجلس الوزراء يجدّد سنوياً. والمفارقة أن التجديد يحصل تلقائياً، من دون اعتبار للعمر او تقييم للعمل. هكذا، فإن بعض عمّال مراكز جرف الثلوج مضى على وجودهم في «الخدمة» نحو 35 عاماً. مرة أخرى، وبحسبة بسيطة، يعني ذلك أن بين «العمال» الذين لا يحضرون ولا يعملون عدداً لا بأس به ممن تزيد أعمارهم على الستين، وربما الخامسة والستين، في «مهنة» شاقة تتطلّب جهداً عضلياً، وفي ظروف مناخية قاسية ودرجات حرارة متدنية. والمفارقة أن التجديد التلقائي يسمح باستمرار دفع رواتب لعمال توفّوا، ولعامل التحق منذ مدة طويلة بجهاز أمن الدولة!
مع ذلك، لا يمكن الحديث عن «فائض» في صفوف هؤلاء. كل ما في الأمر أن ثمة سوء تموضع. المطلوب من وزارة الأشغال، ليس خفض الأعداد، وإنما تفعيلها وتجهيز العمّال الذي يعانون نقصاً فادحاً في المعدات والملابس والآليات، مع الاستغناء عمن هم خارج دورة العمل، كما الإستغناء عن مراكز التنفيعات التي لا ضرورة فعلية لها، لمصلحة مناطق تقطع الثلوج طرقاتها لأسابيع طويلة شتاء، من دون أن تنعم بهدير جرافة تعمل على فتحها.
آليات تعمل بقوّة «الدفع الإلهي»
في مركز المديرج، ثمة آلية لجرف الثلوج عمرها 42 عاماً، تعود الى العام 1977، لا تزال «شغّالة» بقوّة «الدفع الإلهي». هذه ليست استثناء. إذ أن غالبية الآليات في مراكز جرف الثلوج قديمة جداً، و«أحدثها» يعود إلى عام 1998. وهذا ما ينعكس غالباً إرباكاً في مواسم العواصف، إذ تتعطل الكثير من الآليات، ناهيك عن أن عددها بالكاد يكفي لمراكز النقاط الحمراء. وبسبب هذا النقص، «تستعير» وزارة الأشغال الآليات، وتضطر في بعض المراكز الى أن يكون السائق المعتمد هو نفسه مالك الآلية. وعلمت «الأخبار» أن الوزارة تحضر لمناقصة لشراء آليات جديدة قريباً، والعمل على صيانة تلك التي لا تزال قادرة على الخدمة صيفاً بدل انتظار «الموسم»، على أن يُعاد توزيعها على المراكز وفق شروطٍ، في مقدمها حاجة المراكز، إضافة الى التحضير لمناقصة لتجهيز عمال المراكز بالمعدات والملابس المناسبة.
توزّع المراكز
منذ تسعينيات القرن الماضي، ارتفع عدد مراكز جرف الثلوج إلى نحو 25 مركزاً موزعة على أربع مناطق جغرافية: جبل لبنان، الشمال، البقاع والجنوب. تقسّم وزارة الأشغال العامة والنقل المراكز الى ثلاثة مستويات، بحسب ارتفاع المناطق وتعرّضها للعواصف الثلجية: النقاط الحمراء في المناطق المرتفعة (إهمج، فاريا - كفرذبيان، بسكنتا، المروج، ضهر البيدر المديرج، الأرز، الضنية وحرار)، ومناطق متوسطة التعرض للعواصف الثلجية (قرطبا، معاصر الشوف، أفقا، إهدن، تنورين، السواقي - مزيارة، عين عطا وزحلة)، والمناطق الآمنة، (جزين، شبعا، القصر - الهرمل، ينطا، عيحا، حدث بعلبك والنبي شيت).