لطالما عملت الإمارات على إعاقة صفقة الإفراج عن عميد الأسرى الجنوبيين
صفقتا التبادل هاتان تمّتا من دون رضى «التحالف»، والإمارات تحديداً، التي عملت على إعاقة صفقة الإفراج عن عميد الأسرى الجنوبيين، أحمد المرقشي، الذي قضى قرابة 11 عاماً في السجن المركزي في صنعاء على ذمّة اعتداء جماعة مسلحة تابعة لنظام الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، على مبنى صحيفة «الأيام» في صنعاء مطلع شباط/ فبراير 2008، على خلفية مناصرة الصحيفة للحراك الجنوبي السلمي حينذاك. وقد سقط، في خلال تلك الحادثة، أحد المهاجمين قتيلاً، ليتم تلفيق تهمة القتل للمرقشي بعد رفضه الإقرار بأن القاتل هو ناشر الصحيفة، هشام باشراحيل، الذي كان مطلوباً للسلطات في ذلك الوقت. وعلى رغم إقرار حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، في عام 2012، بأن الهجوم كان سياسياً، ومنح الصحيفة اليومية الجنوبية قرابة 3 ملايين دولار كتعويض، إلا أنها أسقطت من أجندتها قضية المرقشي الذي حكمت عليه المحكمة بالإعدام، ورفضت التعاطي مع القضية بدعوى أنها قضية جنائية.
المرقشي، وخلال فترة سجنه في صنعاء، حظي بتضامن شعبي كبير في الشمال والجنوب على السواء. وزاد ذلك التضامن بعدما آل مؤتمر «الحوار الوطني الشامل»، الذي شارك فيه مكوّن الحراك الجنوبي وكان الإفراج عن المرقشي أحد أبرز مطالبه، إلى الفشل، وخصوصاً أن هادي خذل الحراك، وتجاهل الوعود التي أطلقها لأبناء الجنوب في هذا الصدد. في المقابل، وبعدما أعلن فريق «أنصار الله» في مؤتمر الحوار، خلال الفترة ما بين 2013 و2014، تضامنه مع المرقشي، عملت الحركة بعد «ثورة 21 أيلول/ سبتمبر» على فتح الملف لدى المحاكم في صنعاء، إلا أن حلها بطريقة رسمية كان مستحيلاً، فلجأت مطلع العام الجاري إلى التحكيم القبلي كوسيلة لوقف الإعدام عن الأسير الجنوبي، وتمكنت عبر التحكيم، الذي شارك فيه رئيس «اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي وكبار قيادات الحركة في صنعاء ومسؤولو عدد من المحافظات، في حلّ القضية قبلياً، وكان لوجود 33 أسيراً من أسرى الجيش واللجان في السجون الإماراتية دور كبير في إنجاح التحكيم الذي أقرّ دفع دية مثقّلة لأسرة المجنى عليه. وبعد إنهاء الإجراءات القانونية، وجّهت النيابة العامة في صنعاء، مطلع شهر رمضان، بنقل المرقشي إلى سجن الترحيل استعداداً لتنفيذ الاتفاق المبرم بين «أنصار الله» و«المقاومة الجنوبية». استعدادات أعقبها إيعاز «التحالف»، إلى «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، بوقف الصفقة، بعدما كان رئيس المجلس، عيدروس الزبيدي، قد وجّه أمن عدن والجهات المعنية بسرعة تسليم 33 أسيراً من أسرى «أنصار الله» مطلع أيار/ مايو، قبل أن يتراجع على إثر تلقيه اعتراضاً من قِبَل قيادة «التحالف» في عدن، وهو ما أثار سخطاً جنوبياً واسعاً خلال الأيام الماضية على «الانتقالي» الذي اتُهم بعدم امتلاكه أي قرار أو سلطات، ليستعين المجلس بقيادي جنوبي كبير موالٍ لأبو ظبي هو قائد «ألوية العمالقة» عبد الرحمن المحرمي، المعروف بـ«أبو زرعة»، لإنجاح الصفقة.
ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2016، وضع «التحالف» يده على ملف الأسرى، ومَنَع الأطراف الموالية له من التعاطي مع أيّ مساعٍ للإفراج عنهم من دون موافقته، وهو ما أعاق عشرات الصفقات التي تم الاتفاق عليها داخلياً، ومنها أكثر من 10 صفقات أُبرمت خلال النصف الثاني من العام الماضي لتحرير 400 أسير من جبهات تعز ومأرب والجوف وشبوة. والجدير ذكره، أيضاً، أن اتفاق السويد في شأن الأسرى، المبرم في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لا يزال متعثراً تنفيذه، على رغم إتمام الإجراءات التمهيدية له في العاصمة الأردنية عمّان، وهو ما تُحمّل سلطات صنعاء «التحالف» مسؤوليته.