مات محمد مرسي مقتولاً. هذا ما تنطق به واقعة الأمس، بمعزل عن كلّ ما دبّجته دوائر السلطة في بياناتها. داخل قاعة المحكمة، التي نجا منها مَن كان يجب أن يكون فيها: محمد حسني مبارك، أولاده، أزلام نظامه، وزراؤه، قادة أجهزته الأمنية... بل كثيرون مِمَّن هم على رأس الحكم حالياً، سقط أول رئيس منتخب في «أرض الكنانة»، مُسدِلاً الستار على مسار محاكمة كانت أقرب إلى «الإعدام البطيء»؛ «فلا محامي، ولا إعلام، ولا محكمة، وحتى المحامي المنتدب من المحكمة لن تكون لديه معلومات للدفاع عني» كما قال مرسي نفسه قبل وفاته بدقائق. مشهد يختصر مساراً جنونياً شَقَّه «جنرال الاتحادية» منذ عام 2013، مُعلناً الحرب على تيار سياسي يمثل شريحة لا يستهان بها من المجتمع المصري، نافذاً إلى ذلك من بوابة فتحها «الإخوان»، بأخطائهم في سنة من الحكم. اليوم، وفي لحظة فارقة كهذه، لا يبدو أن أمام الساعي إلى أن يكون «فرعون عصره» خيارات كثيرة: إما المضي في هذا المسار الإلغائي، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية اندلاق العنف مجدداً، تأسيساً على إرث من القهر خلّفته سنوات الحكم العسكري الست، وإما العودة إلى العقل باتخاذ خطوات «تراجعية»، تمهّد لمصالحة سياسية واجتماعية. «الإنجاز» الوحيد، الذي يريد السيسي فرض نفسه زعيماً أبدياً من خلاله، والمتمثل في «الاستقرار»، يظهر الآن على المحكّ، والاطمئنان إلى القوة الذاتية والدعم الخارجي ليس ـــ والحال هذه ـــ من المنطق في شيء، فهل يصحو «الجنرال» ورجالاته من سكرة «نحن أو الطوفان»؟