فالخطوة الأولى، التي جاءت في الذكرى السنوية الأولى للانسحاب الأميركي من الاتفاق، تحللت بموجبها طهران من القيود المفروضة على كمية اليورانيوم المخصب والماء الثقيل الذي تبقيه على أراضيها، فيما خرقت بخطوتها الثانية السقف المتفق عليه لنسبة التخصيب. أما في الثالثة، فزادت عدد أجهزة الطرد المركزي في مفاعلاتها، كما رفعت القيود التي فرضها الاتفاق على الأبحاث النووية. وبذلك، القيد الوحيد المتبقي هو المتعلّق بعمليات التفتيش التي تجريها «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ إن إقدام إيران على التحلل من هذا القيد سيجعلها عملياً خارج الاتفاق، الأمر الذي يفتح المجال للتساؤل حول حقيقة التحذيرات الأوروبية بـ«الانسحاب من الاتفاق في حال تنفيذ طهران الخطوة النووية الرابعة»، وفق ما أفادت به صحيفة «غارديان» البريطانية.
القيد الوحيد المتبقي أمام إيران هو المتعلّق بعمليات التفتيش
الخبير الإيراني في القضايا الدولية، عبد الرحمن فرجي راد، رأى أن «الخطوة الرابعة ستقود إلى عكس ما أوردته الصحيفة البريطانية»، مؤكداً كما نقلت عنه وكالة «إيلنا» الإيرانية، أن «هذه الخطوة ستقود أوروبا إلى فتح مفاوضات جديدة مع إيران». كما رأى فرجي راد أن «الاتحاد الأوروبي يرغب في استمرار هذه القضية حتى الانتخابات الأميركية»، مرجّحاً في الوقت نفسه «نشوب خلاف في وجهات النظر بين الدول الأوروبية، في حال عدم التوصل إلى نتائج جيدة في ختام المفاوضات تلك الدول مع إيران». أما صحيفة «آفتاب يزد» الإصلاحية، فأشارت إلى الرؤية التي تعتقد أن «فرنسا تسعى عبر حواراتها مع إيران إلى تحقيق هدف ترامب نفسه»، متوقعةً «عدم نجاح تطلعات باريس، خصوصاً في ظل موقف طهران الواضح والصريح برفض أي قضايا ترتبط بقدراتها الدفاعية وسياساتها المستقلة». وهذه الرؤية ظهرت أمس في تصريحات المرشد علي خامنئي الذي شكك في دور ماكرون باعتباره «إما ساذجاً أو متواطئاً»، كما تمسك برفض التفاوض مع واشنطن وسياسة «انتظار الأجانب».
الجدير بالذكر أن الصمت الدبلوماسي على خط إيران ـــ أوروبا لم يكن بالقدر نفسه الذي كان عليه المشهد في العاصمة الروسية موسكو، حيث حطّ عراقجي لمناقشة تطورات الملف النووي، قبل أسبوعين من موعد الخطوة الرابعة. عراقجي نبّه الأوربيين، خلال الزيارة، من «التقليص المستمر الذي يشهده الطريق الدبلوماسي»، وهذا ما رآ فيه آبشناس «إحدى دلالات اليأس الإيراني من الأوروبيين»، لافتاً إلى أن «اليأس تولد لدى إيران منذ مدة طويلة... لكن طهران لن تقطع طريق الدبلوماسية، لأنها تريد عبره مجاراة الأوروبيين رويداً رويداً من أجل إثبات أحقيّتها داخل أروقة المجتمع الدولي».