الرد على هذه الهواجس أتى من وزير التربية أكرم شهيب الذي خرج، أمس، عن النص المكتوب، مطمئناً بأنّ « الجهات المانحة الممولة لتطوير المناهج لم تفرض شروطاً علينا، ونحن لا نقبل شروطاً من أحد. والعداء لإسرائيل هو الموضوع شبه الوحيد الذي يجمع اللبنانيين، والمناهج لن تكون إلا ترجمة لهذا الإجماع».
أكرم شهيب: لا شروط علينا من الجهات الممولة للمناهج
لكن هذا الكلام ينتظر ترجمة عملية في «الورشة الجديدة»، خصوصاً أن السوابق غير مشجعة. ففي جلسة لمناقشة الأهداف العامة للمناهج في عام 2016، عارض أعضاء في «لجنة مادة اللغة العربية»، يمثلون اتحاداً طائفياً لمدارس خاصة، تضمين الأهداف عبارة «العداء للكيان الصهيوني الغاصب». بذريعة «عدم اقحام السياسة بالتربية»، وكأن التربية ممارسة حيادية غير خاضعة لتصور سياسي اجتماعي، وبـ«أننا لا نريد أن نربي أولادنا على العداء»، حتى لو كان العدو محتلاً أرضنا. وثمة من رأى أنّ الإصرار على تأكيد هذا العداء خطياً ضمن الأهداف العامة «مبالغاً فيه ويقع في خانة التشكيك في أنّ أحداً من اللبنانيين لا يعتبر إسرائيل عدواً». لو كانت القصة مبتوتة، كما أوحى الوزير، ولا تحتاج إلى تأكيد لما حصل يومها السجال، ولمرّت العبارة من دون اعتراض.
لكن هل أخذ القرار السياسي بتطوير المناهج فعلاً وهل يتلازم ذلك مع النهوض بالمدرسة الرسمية أم أن المركز يهرب إلى الأمام لتسجيل إنجازات وهمية؟
رئيسة المركز التربوي، ندى عويجان، بدت مقتنعة بأنها ستكون «ثورة حقيقة في سمفونيّة الانتماء، وترسيخ المواطنيّة وتعزيز الرأسمال البشري، وإدخال لبنان عصر اقتصاد المعرفة، وبناء متعلم - مواطن فاعل وسعيد، متوازن ومنفتح على العالم، ومعتز بوطنه وملتزم الدفاع عنه، ومبادر وباحث وناقد». وأعلنت انضمام كل من الرئيس السابق للمركز التربوي منير أبو عسلي والخبير التربوي ميلاد السبعلي إلى فريق المركز لتنسيق العمل. لكن دون هذا «الطموح» عقبات فعلية في المدرسة الرسمية بالحد الأدنى، إذ كيف يمكن تحقيق ذلك في ظرف اقتصادي سيضاعف أزمة الاستيعاب لديها العام المقبل نتيجة عجز الأهالي عن سداد أقساط المدارس الخاصة، وفي مدرسة يسقط عليها المدير بـ «الباراشوت السياسي»، وتفرّغ من طاقاتها بنقل المعلمين إلى أماكن يرتاحون فيها سواء الى الارشاد والتوجيه أو دور المعلمين في الأقضية أو إلى مدارس قريبة من منازلهم وفي أي وقت من العام الدراسي، بعد تدخل نافذين وبغياب أي اعتبار تربوي!
روزنامة تطوير المناهج
وضع المركز التربوي للبحوث والإنماء روزنامة لانتاج ما سماه «المناهج التفاعلية»، إذ حدد منتصف العام 2021 موعداً لانتاج المناهج الجديدة المتعددة الأبعاد والكفايات الأساسية والمتشابكة والموزعة على كل المراحل التعليمية. وتأتي بعدها مرحلة تأليف الكتب الورقية والرقمية وأدلة المعلمين وتوصيف المشاريع البحثية لتخضع للتطبيق التجريبي في بعض الصفوف التعليمية، اعتباراً من العام الدراسي 2022 - 2023 على أن تستكمل في كل المراحل في العام 2023 - 2024. ويترافق ذلك، بحسب الفيديو التعريفي بالمشروع الجديد الذي أعده المركز، مع تدريب للمعلمين والمديرين وتطوير معايير التقويم بما في ذلك الامتحانات الرسمية وتعزيز برمجيات الأبحاث والتحليل في المركز وتفعيل البنية التحتية التكنولوجية والبيئة المدرسية.