الخزعلي: القوات الأميركية «ستُطرد... والحلّ العسكري ما زال موجوداً»
ولم يقتصر الاستفزاز على مجرّد انعقاد اللقاء، بل امتدّ إلى ما صدر عنه، إذ أشار البيان إلى تأكيد الجانبين «ضرورة الحفاظ على دور عسكري أميركي في العراق»، ليضرب صالح بذلك «عرض الحائط» القرار البرلماني الداعي إلى انسحاب القوات الأجنبية - وتحديداً الأميركية - من البلاد، والجهود الدبلوماسية التي يبذلها رئيس الوزراء المستقيل، عادل عبد المهدي، لجدولة الانسحاب. بدورها، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية»، عن مصدر في مكتب صالح، قوله إن «ترامب أكد لصالح أنه لا يريد البقاء في العراق رغماً عن قرار البرلمان والحكومة، ولكن بشكل محترم وبعيد عن الإهانة». هذا التبرير، الذي تسوقه الماكينة الإعلامية لصالح، يتعارض مع المواقف الأميركية من جهة، ومواقفه هو شخصياً من جهة أخرى. لكن حرص صالح على استرضاء الإدارة الأميركية، والإخلاص لجدول أعمالها في العراق، لا يحجب قلقه من الأحزاب والقوى السياسية الممسكة بالأغلبية البرلمانية، لناحية إمكانية قيامها برفع الغطاء عنه، وخلعه من منصبه. ولذا، يتمسّك الرجل، في تصريحاته العلنية، بسياسة الإمساك بالعصا من منتصفها؛ إذ قال أمس إن «العراق يدين بالامتنان إلى التحالف الدولي في الحرب ضد داعش... وإلى إيران التي لعبت أيضاً دوراً محورياً»، مشدّداً على أن بغداد «تسعى إلى علاقات جيدة مع الجميع، وليست لديها مصلحة في الانجرار إلى صراعات ليست من خيارنا وصنعنا».
تصريحات يبدو واضحاً أنها تستهدف النأي بالنفس عن حراك شعبي مرتقب يوم الجمعة المقبل، يتوقع أن يمثل نقطة تحوّل في الصراع القائم بين العراقيين والأميركيين، وخصوصاً أن شارعاً ضخماً جداً سيكشف عن نفسه وعن مزاجه إزاء الاحتلال، وسيجمع أيضاً مختلف المشارب والتوجهات لتكريس رفض العراقيين أيّ وجود عسكري أجنبي. وإلى جانب تلك التصريحات، تأتي حملات «الجيوش الإلكترونية»، المدعومة من السفارة الأميركية، وبعضها يحظى بتمويل مباشر من صالح، من أجل الترويج لفكرة «حاجة» العراق الملحّة إلى الأميركيين، كونهم «الضمانة ضدّ تنظيم داعش»، وحائلاً - وفق زعم هؤلاء المروّجين - دون جعل البلاد ساحة مواجهة بين طهران وواشنطن.
هنا، يبرز التكامل بين مسارات «ضرب المليونية» المرتقبة غداً: مواقف سياسية ترفض أيّ مواجهة مع الأميركيين، وتفعيل لأعمال العنف في الشارع، وقطع لطرق رئيسة تربط العاصمة بغداد بالمحافظات الجنوبية، وتعطيل للدوام في عدد كبير من الدوائر الحكومية والمؤسسات التربوية. كلّ ذلك دفع بعبد المهدي، قبل يومين، إلى توجيه دعوة لـ«وقف التظاهرات العنيفة... لأنها تزيد من حالة عدم الاستقرار، في وقت تشهد فيه المنطقة نزاعات كبيرة». لكن على رغم كلّ ما تقدّم، تفيد معلومات «الأخبار» بأن العمل جارٍ لوجستياً وجماهيرياً لإنجاح «المليونية» التي ستندّد بالتواجد العسكري الأجنبي بوصفه «احتلالاً»، وهو ما يحظى بدعم لافت جداً من قِبَل زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، وقادة «الفتح». وعلى رغم محاولة الأول التمايز عن «الفتح» بدعم صالح (وهذا ما عبّر عنه بالأمس على صفحة صالح محمد العراقي)، إلا أنه لا يزال يدفع باتجاه تحقيق مشروع طرد الأميركيين. أما في صفوف قادة «الفتح»، فكان بارزاً أمس موقف زعيم «حركة عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، الذي أكد في كلمة مقتضبة أن القوات الأميركية «ستُطرد... والحلّ العسكري ما زال موجوداً»، واصفاً العام الجاري بأنه «ثورة عشرينية ثانية (نسبةً إلى ثورة 1920 ضد الاحتلال البريطاني)».