يد هاشمية «الطايلة» كانَت قد امتدت الى بيروت قبل عودته بسنوات. وحدهم أهالي طريق الجديدة يُمكنهم الحديث عن منزل والده، الذي كانَ وسيطاً بين ابنه أحمد والناس. في أحد شوارعها يقطُن الأب داخل منزل تحوّل إلى مضافة. وقبلَ أن يظهر طيف هاشمية الابن، كانَت بعض «المساعدات» تصل للناس كـ«زكاة» للثروة. أما اليوم، فقد باتَ يتسنّى لأبناء المنطقة رؤيته وهو يزورها، بعدما قرّر أن يتولّى الإشراف على العمل شخصياً، بالتوازي مع جهود الأب. لا تغطّي صور هاشمية واجهات الأبنية في طريق الجديدة. ثمة صورة واحدة رفعها عدد من الشباب الذين يعملون معه، أما هو فمشغول بحسب العارفين، باستكمال مشاريعه. الى جانب مستوصف طبّي في المنطقة، لدى هاشمية فكرة افتتاح مستوصف آخر وفرن، والاستمرار في توزيع حصص غذائية. وهو لا يكتفي بحصر أعماله في هذه المساحة الجغرافية، بل بدأ بالتنسيق مع عدد من رجال الأعمال في البقاع والشمال، لا ينتمون لـ«المُستقبل» لكنهم حريريو الهوى، بهدف استنساخ تجربته في باقي المناطق.
هاشمية على ما يبدو سيظلّ يتقدّم على هؤلاء، وخاصّة أن الحريري يستعيد عبرَه تجربة والده الذي دخل عالم السياسة من بوابة «المساعدات». إذ ينطلِق هاشمية اليوم من طريق الجديدة مُعيداً تنشيط أدوات الحريري الأب. علمت «الأخبار» أن للرجل خطّة وبرنامجاً بشأن «جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية» التي نجح الحريري الأب في استقطاب سليم دياب إليها مع فريق عمل كان أبرز من فيه صالح فروخ وبشير عيتاني وعزت قريطم، وهؤلاء كلهم شغلوا أدواراً بارزة في حقبة سعد بعد اغتيال والده. وكما كانت هذه الجمعية وسيلة الحريريين للحكم، سينطلِق هاشمية منها لمعاودة الدخول الى كل بيت بيروتي، لكنه، سيعزل الطاقم القديم كله ويستبدله بوجوه جديدة. هذا المشروع بدأ حينَ طالبَ هاشمية الحريري بوضع يده على الجمعية، لكنه أصرّ على تغيير الأعضاء لأنه لا يستطيع تحقيق نتيجة مع «المجربين»، وهو طلب لم يرفضه الحريري، الذي يتشاور مع هاشمية في الأسماء الجديدة، من بينها سيف دياب، وهاشم عيتاني وسامر سوبرة.
دخول هاشمية على الخط حدّ من سلطة أحمد الحريري داخل بيروت
المُطلعون على أحوال التيار هذه الأيام، يقولون إن الواقع الجديد خلقَ إرباكاً داخل تيار «المُستقبلَ». فدخول هاشمية على الخط، حدّ من سلطة أحمد الحريري في بيروت، هو وكل مجموعاته على الأرض. ثمة من يتحدث بأن اعتماد الحريري على هاشمية يهدِف بالدرجة الأولى إلى تحجيم ابن عمته. ويذهب المطّلعون إلى حرب غير مُعلنة بين «شوارع المُستقبل»، في إشارة إلى أن المجموعات التي تحركت في محيط طريق الجديدة، وحاولت ركوب موجة الاحتجاجات المطلبية، فعلت ذلك بإيعاز من شباب أحمد الحريري عبرَ وليد دمشقية وسامر الترك. يومَها تأجج الصراع بين الأحمدين، في ظل تبادل اتهامات بينهما، بتوريط أحدهما للآخر في الشارع.
على ما يظهَر، فهذا الصراع لن يظلّ خفيّاً، وسيخرج الى العلن عمّا قريب، في ظل توسّع «نفوذ» هاشمية، الذي يؤّكد مقربون منه أنه يكتفي بـ«أعمال اجتماعية تنموية»، ولا أهداف سياسية له. لكن السؤال، لماذا يُمكن لأي شخص أن يستثمر ماله في بيت الحريري، الذي صارَ مثقوباً كغربال، إن لم يكُن لديه طموح؟ وإذا ما أثمرَ هذا «العمل» نتائِج سياسية، فلماذا يُصار الى تجييرها لسعد الحريري، كل ذلك بهدف «الصداقة» و«الحنين» إلى رفيق الحريري؟ الجواب عن هذه الأسئلة قد يكون مخبّأً خلفَ ما لم يكشفه هاشمية بعد، والذي هو بالمناسبة، مواطن لبناني يحمِل الجنسية السعودية!