هذه الرسالة لم تحمل أي اتهام للوزراء، إنما شدّدت على ضرورة أن يقرر مجلس النواب ما يراه مناسباً بحقهم، بعدما قرّر صوان رفع الحمل عن ظهره تحت وطأة الضغط الشعبي، ورمي المسؤولية على البرلمان. وفي الكتاب نفسه، يذكر صوّان رؤساء الحكومات المتعاقبين منذ وصول شحنة نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت (أي تمام سلام وسعد الحريري وحسان دياب)، إنما من دون مطالبة المجلس النيابي باتخاذ أي إجراء بحقهم.
بعض المعنيين طلبوا من الحريري التواصل مع عويدات للاستفسار منه حول المقصود من الرسالة
وفيما لا يُمكن الجزم بخلفية ما أقدم عليه صوان حتى الآن، الا أن المحقق العدلي كان بإمكانه سلوك طريق آخر لاتهام الوزراء المُتعاقبين، كما رؤساء الحكومات، إن كان المُراد هو المحاسبة الفعلية والجدية. فعلى الرغم من أن الدستور والقوانين وضعت آلية لمحاكمة الرؤساء والوزراء في مجال عملهم بما يمنحهم حصانة لا يرفعها إلا المجلس النيابي، الا أن هناك اجتهادات ترى أن هناك جرائم لا تشملها هذه الحصانة. وبالتالي، كان الأجدى بصوان، لتأكيد جدّيته، إصدار قرار اتهامي بحق الوزراء والرؤساء الذين يرى بأنهم مقصرون، ويجعل هذا القرار أمراً واقعاً لا يُمكن للدولة أن تتجاهله، لأن قرارات المحقق العدلي لا يُمكن ردّها ولا الطعن بها ولا استئنافها. فهو شخصية مطلقة الصلاحيات، وفي حال أصدر قراراً كهذا فلن يستطيع أحد أن يُعيد النظر به. وبناءً على ذلك، يُمكن القول إن رسالة صوان إلى المجلس النيابي تأتي في إطار الهروب من المسؤولية بذريعة القوانين، ورمي الكرة في ملعب مجلس النواب، مع علمه بأن البرلمان لن يقوم بأي خطوة تُذكر، لعدّة أسباب، أبرزها أنه لم يتُمّ تعيين القضاة في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء حتى الآن، رغم انتخاب أعضائه من النواب. ومن ثم، هناك شبه استحالة في ظل الانقسام السياسي الحاد في البلاد توفير أصوات ثلثي أعضاء المجلس للادعاء على الوزراء والرؤساء الذين يُشتبه في إهمالهم أو تقصيرهم او ضلوعهم في الجريمة.
هذه الرسالة التي جرى التداول بمعلومات عنها أمس، أثارت بلبلة كبيرة حول المقصود منها. وقالت مصادر سياسية مطلعة إن «بعض المعنيين تواصلوا مع الحريري، طالبين إليه التحدث الى عويدات والاستفسار منه بشأن المقصود من الرسالة». وكان لافتاً أن صوان ختم رسالته بالقول إنه «يحتفظ بحق محاكمة كل اللبنانيين»، فهل كان المقصود منها التحرّك في حال عدم تجاوب المجلس، أم أنها مجرّد كلام في الهواء؟
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا