يعتزم مسؤولون من إسلام آباد وبكين وموسكو وطهران إجراء لقاءات مع قادة «طالبان» وحكومة كابول
في هذا الوقت، يعتزم مسؤولون من إسلام آباد وبكين وموسكو وطهران إجراء لقاءات مع قادة حركة «طالبان» وحكومة كابول، لدفع مفاوضات السلام المتعثّرة قُدُماً. وهي جهود ستُضاف، بحسب «ذي أتلانتك كاونسل»، إلى المشاورات التي بدأها وزير الخارجية الأميركي مع القيادات الأفغانية والباكستانية، خصوصاً أن الحلّ الدائم لمسألة الحرب، يستوجب الاتفاق على خريطة طريق سياسية للبلاد. لهذا، تُمثّل الجهود الإقليمية مرحلةً موازية لعملية السلام السياسي، لكَون الصراع في أفغانستان متعدّد الأبعاد، وحيث لكلّ دولةٍ في الإقليم مصالح محدَّدة تؤثر في مشاركتها في رسم مستقبل أفغانستان. ولدى روسيا والصين وإيران، على وجه الخصوص، الكثير لتكسبه - أو تخسره - من عملية السلام هناك. ففي السنوات الأخيرة، شاركت الدول الثلاث بصورة مباشرة في السياسة الأفغانية: رسمياً، من خلال العلاقات الدبلوماسية بين دولة وأخرى؛ وبشكل غير رسمي، من خلال دعم القوى السياسية المختلفة. وأصبحت موسكو وطهران، خصوصاً، لاعبتَين إقليميتَين رئيستين في إدارة الصراع الأفغاني، منذ إطلاق عملية السلام في عام 2018. كذلك، ستُحدِّد شراكات الصين مع هاتين الدولتَين شكل أفغانستان ما بعد جلاء الاحتلال. وفي سياق سياسات القوى العظمى، وسّعت روسيا باطّراد نفوذها في آسيا الوسطى، توازياً مع توسيع حضورها العسكري في المنطقة. ويبقى أن الشغل الشاغل لموسكو ودول آسيا الوسطى، في هذه المرحلة، هو أمنها، إذ تريد هذه الدول التأكد من أن «التمرّد» في أفغانستان بعد انسحاب الولايات المتحدة لن يعبر حدودها. ويرجَّح، هنا، أن تجد روسيا طرقاً للعمل مع «طالبان»، التي يُحتمل أن ترث الحُكم - ولو بالقوّة - في أفغانستان الجديدة، كما سيسمح انسحاب القوات الدولية والفراغ المحتمل الذي سينتج منه، لروسيا بإنشاء موطئ قدم في أفغانستان، وهي بدأت بالفعل في بناء علاقات مع الأطياف السياسية الأفغانية، بينما لا تزال قوّة إقليمية مهيمنة، يشكّل رحيل الولايات المتحدة فرصةً لها لتنشيط دورها وتوسيع نفوذها من خلال بناء تحالفات في المنطقة، لا سيما مع الصين. ويمكن تحقيق مصلحة بكين الرئيسة في تأمين المكاسب الاقتصادية، من خلال استخدام موقع أفغانستان كحلقة وصل إقليمية: إمَّا في مبادرة «الحزام والطريق»، أو الممرّ الاقتصادي بين الصين وباكستان. وعبر اتباع حكمة «عدو عدوي صديقي»، تتوق كلْ من بكين وموسكو إلى تقويض واشنطن، بعدما أصبحت صلاتهما أقوى ممّا كانت عليه في الماضي. وكما روسيا، تُعدّ إيران واحدة من اللاعبين الإقليميين الأكثر نفوذاً في أفغانستان، التي تشكّل بدورها تهديداً دائماً لأمنها، وفي المقابل موضع فرصة لتوسيع التجارة وإمكانية الوصول إلى أسواق جديدة في المنطقة. ومع انسحاب القوات الأميركية، سيكون لطهران نفوذ مباشر أكبر في كابول، حيث ستهدف إلى حماية مصالحها من خلال بناء تحالفات مع القوى الإقليمية، وخصوصاً موسكو وبكين.
كل الغزاة حطّوا هنا
غادرت جميع القوات الأميركية وقوات «حلف شمالي الأطلسي»، فجر يوم أمس، قاعدة «باغرام» الجوية في أفغانستان، والتي شكَّلت مركزاً أساسياً للعمليات الأميركية الاستراتيجية في أفغانستان، إذ أطلقت منها حربها الطويلة على الإرهاب في أعقاب هجمات 11 أيلول. واستقبلت هذه القاعدة، التي تقع شمال العاصمة كابول وتُعدّ أكبر منشأة عسكرية استخدمتها القوات الأميركية وقوات «الناتو» في أفغانستان، على مرّ سنوات الحرب، مئات آلاف العسكريين الأميركيين ونظراءهم. وتم تشغيلها، بشكل مشترك، من قِبَل الجيش الأميركي، والقوات الجوية والبحرية، ومشاة البحرية، وخفر السواحل.
وشيّدت الولايات المتحدة القاعدة لحليفتها أفغانستان خلال الحرب الباردة في خمسينيات القرن الماضي، كحصن منيع في وجه الاتحاد السوفياتي في الشمال. وللمفارقة، أصبحت «باغرام» مركز انطلاق الغزو السوفياتي للبلاد في عام 1979، وقام الجيش الأحمر بتوسيعها بشكل كبير خلال احتلاله الذي استمر قرابة عقد من الزمن. ومع انسحاب موسكو، أصبحت القاعدة، مرّة أخرى، أساسية في الحرب الأهلية الطاحنة، إذ كافحت «طالبان» و«ائتلاف الشمال» للسيطرة عليها، قبل تأمينها من قِبَل القوات الخاصة البريطانية في وقت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. ولقاعدة «باغرام» مدرج واحد قادر على التعامل مع جميع أنواع الطائرات العسكرية الكبيرة والصغيرة. ويبلغ طول المدرج القديم الذي تم إيقاف العمل به 3003 أمتار، بينما يبلغ طول المدرج الجديد، الذي أنشأته الولايات المتحدة واستكملته في أواخر عام 2006، 3602 متر.
(الأخبار)