على أن المجريات العسكرية الأخيرة تتخطّى البُعد المحلّي إلى النطاقَين الإقليمي والدولي، وهذا ما دفع مجلس الأمن إلى إصدار بيان منحاز يجدِّد فيه دعوة «أنصار الله» إلى وقف هجومها على مأرب. ومع هذا، تدرك الدول الداعمة لـ«التحالف» أن موازين القوى على الأرض تبدّلت لمصلحة صنعاء، وأن تأثيرها على الحركة التي لم تنفع معها العقوبات أو حتّى إدراج أسماء قياداتها في «قائمة الإرهاب» الأميركية، يلامس الصفر، فيما لم تَجِد التصريحات والبيانات الشديدة اللهجة من واشنطن وغيرها من العواصم الغربية آذاناً صاغية لدى القيادة السياسية لـ«أنصار الله». أمام هذا الواقع، لجأت واشنطن ومعها لندن إلى سياسة التحايل والخداع، وقدّمتا حلولاً سياسية مجتزأة، في محاولة منهما لإبقاء اليمن تحت وصاية السعودية والغرب. غير أن إصرار صنعاء على الوقف الكامل لإطلاق النار ورفْع الحصار من دون شروط، معطوفاً على الإنجازات الميدانية التي حقَّقتها في مأرب، كل ذلك وضع «التحالف» ورعاته في مأزق، خصوصاً في ظلّ ضيق الخيارات السياسية والدبلوماسية. وهو ما حتّم على الدول الراعية للعدوان، البحث عن فجوة في جدار الأزمة الضاغط، فاندفع السفير البريطاني لدى اليمن، ريتشارد أوبنهايم، عبر وسيلة إعلام سعودية، نحو مهمّة مصارحة الأدوات المحلية والحلفاء الإقليميين، قائلاً إن هناك ضرورة للاعتراف بالتحوّلات الكبرى الناتجة عن إنجازات صنعاء الميدانية وصمودها السياسي.
تفيد المعلومات بأن مجلس الأمن أصبح جاهزاً لإصدار قرار جديد تلغي بنوده القرار 2216
وعلى هذه الخلفية، بدأ رعاة «التحالف» التمهيد لحتميّة تقديم تنازلات مؤلمة. وقال أوبنهايم إن «فجوةً حدثت في مضمون القرار 2216 الصادر عن مجلس الأمن في عام 2015، والوضع على الأرض يتغيّر يومياً»، معترفاً بأن ذلك سينعكس على أيّ تسوية سياسية مقبلة. وأكد السفير أن «أي تسوية سياسية بين الأطراف ستحتاج إلى قرار جديد». وتجدر الإشارة هنا إلى أن أيّ قرار جديد سيصدر عن مجلس الأمن سيُتَّخذ مرجعيةً وحيدة، وسيلغي مفاعيل بقية المرجعيات التي رفعها «التحالف»: المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن مجلس الأمن أصبح جاهزاً لإصدار قرار جديد تلغي بنوده القرار 2216، غير أن المشكلة تكمن في كون الدول الغربية الداعمة للعدوان لم تحصل على التزامات سياسية من صنعاء لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار ورفْع الحصار، فضلاً عن أنها تخشى إصدار قرار جديد في مجلس الأمن لا تصادق عليه «أنصار الله».
ولا شكّ في أن مراجعة الغرب لسياسته السابقة ستُدخل «الشرعية» في صراع سياسي للحفاظ على القرار 2216، وهو ما عبّر عنه السفير اليمني لدى الأردن، علي العمراني، تعليقاً على حديث السفير البريطاني، بالقول: «وكأنّ الحرب شُنَّت لتحقيق غايتَين: تمكين الحوثيين، وتحقيق الانفصال»، مشيراً إلى أن «أهداف تمكين الحوثيين متعدّدة ومعروفة، والانفصال كان غاية المستعمرين من قديم، ومن المهمّ أن نؤكد أن كل ذلك مرفوض قطعاً وأبدياً».