في اليوم الثاني من معركة «ثأر الأحرار»، بدت إسرائيل كمن وقع في ورطة لا يعرف كيفية إخراج نفسه منها. إذ إن مراهنتها على اكتفاء «الجهاد الإسلامي» بجولة روتينية، تطلَق في خلالها بعض الصواريخ على منطقة «غلاف غزة»، ومن بعدها يُكفى «المؤمنون شرّ القتال»، سرعان ما خابت مع الضربة الكبرى التي استهدف مساء أوّل من أمس مستوطنات «الغلاف والعمق»، وألحقت أضراراً بشرية ومادّية لم تستطع رقابة الاحتلال إخفاءها. ومع ذلك، لم تيأس إسرائيل من إمكانية إنهاء الجولة بصورة «النصر» التي أرادتها، فسارعت إلى تشغيل الاتصالات أملاً في إرغام المقاومة على وقف النار من دون التزامها هي بتلبية أيٍّ من شروط الأخيرة، توازياً مع مواصلتها عمليات الاغتيال بحقّ قادة «الجهاد» بهدف تثبيط الحركة وتيئيسها وإجبارها على الاستسلام. لكن الردّ على هذا الضغط المزدوج لم يتأخّر هو الثاني أيضاً، بل جاء مدوّياً وصادماً وضارباً قلب «العمق» بصواريخ ثقيلة آلمت العدو ومستوطنيه. وكيفما كانت الصورة التي ستنتهي عليها الجولة الحالية، فالأكيد أنها أضافت طبقة صلبة جديدة إلى معادلة «وحدة الساحات» التي لم يستطع الاحتلال، على رغم كلّ المحاولات، تهشيمها، وأن إسرائيل لم تتمكّن من تحقيق ما كانت تأمله من إصلاح في صورة ردعها، بعدما بدت عاجزة عن هزم الرقم الثاني في الساحة الأضعف في قوس أعدائها.