كانت المحادثات المتعلّقة بصفقة تبادل السجناء بدأت في عام 2021، بالتوازي والتزامن مع محادثات إحياء الاتفاق النووي
ونظراً إلى الدافع الهشّ لدى مسؤولي الطرفَين لإحياء الاتفاق النووي، ثمة مؤشرات تُظهر أن طهران وواشنطن تتحرّكان في اتّجاه تحقيق ضربٍ من الاتفاقات المحدودة والمؤقتة وغير المكتوبة. وتقوم الفكرة الرئيسة لتلك الاتفاقات على قاعدة «الأقلّ مقابل الأقلّ»، بحيث يكون في مقدور كل من الطرفَين الحصول على تنازلات محدودة وضئيلة من الآخر، في مقابل منحه تنازلات من النوع نفسه. ويعني ما تَقدّم، أن تقوم إيران، وفي ظلّ الحفاظ على هيكلية برنامجها النووي، بخفض سرعته وأبعاده قليلاً؛ وفي المقابل تقوم أميركا، وفي ظلّ الحفاظ على هيكلية العقوبات على إيران، بخفض حدّتها وشدّتها قليلاً. وبما أن هذه الصفقات غير رسمية ولا تتمتّع بطابع حقوقي، فهي ستكون مقبولة ومُرضية لكلتا الحكومتَين الإيرانية والأميركية، لكونهما تخشيان القضايا الهامشية التي قد يفرزها أيّ اتفاق رسمي ومكتوب داخل بلديهما. ولهذا السبب، قلّما يبدي الطرفان حماسةً لبثّ فحوى محادثاتهما في وسائل الإعلام، بل يمضيان بها قُدماً بصورة هادئة.
وإجمالاً، فقد ظهرت، خلال الشهر الأخير على وجه التحديد، مؤشرات كثيرة تشير إلى تسجيل تقدُّم في مسار المحادثات بين إيران والولايات المتحدة، أهمّها: 1- الاتفاق على إطلاق سراح السجناء الأميركيين، في مقابل تحرير بعض الأرصدة الإيرانية المجمّدة؛ 2- تناقص سرعة إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب في إيران؛ 3- تخفيف القيود على مبيعات النفط الإيراني وبعض الانفراجات المالية؛ و4- انحسار التوتّرات الإقليمية. وفي الوقت الذي دخل فيه اتفاق تبادل السجناء حيّز التنفيذ، يقوم مجلس محافظي «الوکالة الدولیة للطاقة الذرية»، في اجتماعه ربع السنوي الذي بدأ الإثنين، بمراجعة قضايا مختلفة، بما في ذلك الملفّ النووي الإيراني، حیث تقول أوساط دبلوماسیة ومصادر مطّلعة إن الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية المتبقية ضمن الاتفاق النووي (فرنسا، بريطانيا وألمانيا)، ليست لديهما «خطط» لإصدار قرار ضدّ إیران خلال هذا الاجتماع. وبدلاً من ذلك، وبإيعاز من واشنطن، سيجري تقديم بيان غير ملزم إلى مجلس إدارة الوكالة، یطالب الجمهورية الإسلامية بزيادة تعاونها مع الأخيرة. وبحسب رئيس «منظّمة الطاقة الذرية الإيرانية»، محمد إسلامي، فإن «العملية الحالية لا تُظهر أن الأجواء ستتّجه نحو قرار وإجراءات تجبر إيران على اتّخاذ موقف قوي وردود فعل قانونية حاسمة».
وعلی صعید آخر، وفي إجراء يبدو أنه يهدف إلى الضغط على حكومة بايدن علی خلفیة الاتفاق مع طهران، مرّر مجلس النواب الأميركي، مساء الثلاثاء، مشروع قانون مقدَّماً من الحزبَين الديمقراطي والجمهوري بعنوان «مهسا أميني لحقوق الإنسان والمساءلة الأمنية»، بغية فرض مزيد من العقوبات على إيران، قبيل الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات التي اندلعت علی خلفیة وفاة الشابة مهسا أمیني فی أحد مراکز الشرطة في طهران. ويطالب مشروع القانون، الرئيس الأميركي، بفرض عقوبات تمنع التملّك والحصول على التأشيرات عن المرشد الأعلی، آیة الله علي خامنئي، والرئيس إبراهيم رئيسي، وأيّ شخص «متواطئ في تمويل أو توفير الموارد لانتهاكات حقوق الإنسان أو دعم الإرهاب». وينصّ مشروع القانون على أن هذا يتطلّب من الرئيس الأميركي فرض عقوبات في غضون 90 يوماً من إقرار المشروع ليصبح قانوناً، وإعادة فرضه سنوياً بعد ذلك. وسيتمّ إرسال المقترح إلى مجلس الشيوخ لإقراره، قبل إرساله إلى بايدن للتوقيع عليه ليصبح قانوناً.