الفطريّات المميتة ليست المرض الأول الذي يصيب جنود العدوّ المشاركين في حرب الإبادة على غزة
على أن الفطريات المميتة ليست المرض الأول الذي يصيب جنود العدو المشاركين في حرب الإبادة على غزة؛ إذ سبق أن كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في وقتٍ سابق من الشهر، أن الجيش واجه، في الأسابيع الأخيرة، ارتفاعاً خطيراً في الأمراض المعويّة وحالات التسمم من الطعام، في صفوف الجنود. ونقلت في حينه عن أطباء في المنظومة الصحية عالجوا جنوداً أصيبوا بهذه الأمراض، قولهم إنّ السبب وراء ذلك هو «تبرّعات الأكل التي يقدّمها الجمهور الإسرائيلي لجنوده والتي تخزّن خلافاً للتعليمات المنصوص عليها». ونتيجة لأمراض الاضطرابات المعويّة، نُقل 18 جندياً من غزة إلى معسكر للتدريب من أجل تلقّي علاج طبي، بعدما عانوا من انتشار الدزنطريا (الزحار) وظواهر الإسهال والإعياء، والتي يُقدر أن سببها هو مزيج من الطعام المُتبرع به والمخزّن بطريقة غير مهنية، وقلّة النظافة الشخصية.
وفي هذا الإطار، أشار مدير قسم الأمراض التلوثية في مستشفى «أسوتا» الحكومي في أسدود، الطبيب طال بروش، إلى أنه «كان هناك انتشار لأمراض الإسهال لدى جنود تواجدوا في الجنوب، وآخرين في مناطق التجمّع، وأيضاً في صفوف جنود دخلوا إلى القطاع». وذكر أن بعض هؤلاء «شُخصوا بالإصابة بعدوى الشغيلا (داء الشغيلات) التي تسبّب الدزنطريا». والشغيلا هي عدوى يُصاب بها الأشخاص عادة عند ملامسة كميات صغيرة من البكتيريا من براز شخص مصاب بالشيغيلا ويبتلعونها، وخصوصاً عندما لا يغسلون أيديهم بشكل جيّد، وكذلك من طعام محضّر ومخزّن بطريقة مخالفة للتعليمات. ووفقاً لبروش، فإن «لهذه الأمراض تداعيات عملياتيّة؛ إذ إن الجنود من الألوية البرية المصابين بالإسهال، وبحرارة 40 درجة، والذين يتبرزون كل 20 دقيقة، هم غير مؤهلين للقتال لأنهم سيعرضون حياتهم للخطر». ودعا الطبيب، الإسرائيليين الذين يقومون بإرسال تبرعات من الطعام إلى الجنود، إلى «الاكتفاء بإرسال الأطعمة الجافة التي لا تحتاج إلى تعليمات معيّنة لحفظها وتخزينها».
ولكن لماذا يتناول الجنود طعاماً متبرعاً به وليس طعاماً يقدّمه الجيش لهم؟ الإجابة على ذلك أتت من إحدى المجندات التي تخدم في أماكن تجمّع الجنود؛ إذ قالت للصحيفة إن «تبرعات الإسرائيليين بالأطعمة هي أمر تعتمد عليه هي وزملاؤها الجنود، لأن الطعام الذي يقدّمه الجيش رديء ولا يُؤكل»، متسائلة «لماذا يُرسل بعض المتبرعين الحساء، بينما لا توجد ثلاجة لتخزينه؟». ولفتت إلى «أننا نشدّد على غسل الأيدي، ولكن في غزة الأمر أصعب بكثير، ومن غير المعروف كم يشدّدون على الجنود المقاتلين للحفاظ على النظافة الشخصية». كذلك، أظهر وثائقي أعدّه الصحافي إياتي آنجل، بعنوان «العودة إلى غزة»، صُوّر في مدينة بيت حانون شماليّ القطاع مع جنود وضباط من لواء «جفعاتي» شاركوا أيضاً في عدوان «الجرف الصامد» عام 2014، أن هؤلاء الجنود يعيشون في ظروف سيئة وبيئة تفتقر إلى النظافة. وظهر الجنود في الوثائقي وهم يحلقون ذقون بعضهم البعض، فيما لا يوجد مكان لكي يستحموا بعد ذلك لأنه ببساطة ليس ثمة مياه. أمّا بالنسبة إلى النوم، فهم ينامون في قلب أحد بيوت الفلسطينيين التي دُمرت جزئياً، على أرائك وكنب مليئة بالغبار، أو على الأرض في أكياس نوم، ويقضون حاجتهم في قلب «قُمع» مثبت في فتحة جدار في البيت، مع أنبوب ينقل البول إلى الخارج على طريقة «مزراب» مياه الأمطار.