هل ثمّة حاجة إلى شيء آخر عند المتظاهرين والمحتجّين في مصر؟ السؤال مردّه إلى دخول الانتفاضة مرحلة جديدة، مع بدء جولة سوف يكون لها تتمّة من المفاوضات أو الحوار بين قوى في المعارضة المصرية والرئيس الانتقالي الفعلي، رئيس الاستخبارات في نظام حسني مبارك، اللواء عمر سليمان. وهي مفاوضات تقوم بحسب ما قال مشاركون فيها على مبدأ تنظيم عملية انتقال السلطة وتعديل الدستور. ولم يخفِ هؤلاء مخاوفهم من عملية احتواء منظّمة قد يتعرض لها المحتجّون، لكنهم يعتقدون أنّ النظام أدرك الحقيقة التي تفرض التغيير، ويبقى السؤال: أيّ تغيير مرتقب، وبأيّ حجم، وخلال أيّ فترة، وعلى أيّ مواضيع سوف يجري التركيز؟
سوف يكون هناك نقاش طويل في سبب لجوء قوى المعارضة الى التفاوض مع النظام برمزه الجديد. وثمة تبريرات كثيرة تنطلق أساساً من رغبة هذه القوى في ما يقولون إنه منح السلطة الفرصة الأخيرة لتحقيق الإصلاحات المطلوبة، وتأمين عملية انتقال سريعة للسلطة ومنع حصول مواجهات جديدة قد تؤدي الى شلّال من الدماء.
ولأن التفاوض يقوم على حسابات موازين القوى، فإن النظام يتكل على أن الاحتجاجات لم تأخذ منه إلا الشرعية الشعبية، لكنها لم تأخذ منه المؤسسات الفاعلة، لا في الجيش ولا في الإدارة العامة ولا في الإعلام، وأنّ سلطة المتظاهرين في الشارع، لها ما يوازيها على مستوى أدوات السلطة، التي لا تزال تخضع للنظام نفسه. ولذلك، فإن السير في المفاوضات سيكون من جانب السلطة موازياً لطلبات وأفعال تستهدف الآتي:
أولاً: حصر دائرة التظاهر الى أدنى حدود ممكنة، بما في ذلك محاولة حصر التجمعات في مكان واحد كميدان التحرير، وترك بقية البلاد تخضع لشروط الحياة الطبيعية، وبالتالي الضغط لمنع أيّ تأثير للاحتجاج على الحياة العامة.
ثانياً: التسريع في الحملة الإعلامية الهادفة الى ربط ما يجري في الشارع المصري بقوى خارجية. وقد وجد النظام الآن في إيران عنوان الحملة، وهو ما يركّز عليه في حملته الدعائية والإعلامية، التي تترافق مع نشاط أمني لامس قبل يومين مطاردة شابين قالت سلطات الأمن إن «لهما ملامح إيرانية، ويحملان كمية كبيرة من الأموال».
ثالثاً: العمل على إعادة تجميع القوة الضاربة للسلطة بحجة إعادة تنظيم الأجهزة الأمنية لمواجهة متطلبات المرحلة. ولا بأس أن يقوم وزير الداخلية الجديد، الخاضع بقوة لسلطة عمر سليمان، بما يسمّيه حملة تطهير ضد ضباط ونافذين بحجة أنهم من فريق الفساد، وبالتالي أن يعيد رمز السلطة الجديد تنظيم الأمن الخاص به ونشره في الشوارع.
رابعاً: الضغط خارجياً لإقناع العالم بأن النظام وافق على نقل السلطة، لكنه يحتاج الى وقت حتى لا تدبّ الفوضى، وخشية أن تقع الدولة في أيدي قوى معادية للغرب.
لكن، ما هي خطة المحتجّين في المقابل؟
حتى اللحظة، يصعب على أحد التكهّن بالأمر، لأن غياب القيادة الموحّدة للمتظاهرين يحول دون الحصول على تصوّر واضح، لكن الأكيد أن انقساماً ما يقوم داخل القوى السياسية البارزة في حركة الاحتجاج، وهو انقسام قابل للتوسع إن لم يجر العمل على مبادرة لخطوات ميدانية تقود الى تحقيق نتائج مختلفة عن الواقع.
وبالتالي، فإن هذه المبادرة تتطلب حركة من نوع مختلف، وتتطلب على نحو واضح العودة الى تثبيت شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» لا إسقاط الرئيس فقط، ومن ثم العمل على دفع الجيش الى مواقف أكثر وضوحاً، ولو أدى ذلك الى مواجهة معه أو مع قيادته، لأن أيّ فرز يصيب موقع القرار في قيادة الجيش، داخل أيّ دولة تشهد ثورة بهذا الحجم، لن يحصل إلا في حالة مواجهة استحقاق أخذ الموقف العملاني من الجاري. كذلك يُفترض بالقوى القابضة على حركة الاحتجاجات السير مباشرةً نحو الإمساك بمرافق لا تؤثر في عمل الدولة، مثل وسائل الإعلام المملوكة من الدولة، وخصوصاً أن هذه المؤسسات تشهد نقاشاً حاداً، ويعلن فريق كبير من العاملين فيها أنهم الى جانب المتظاهرين لا العكس، إضافةً الى ممارسة ضغط أكبر لمنع محاصرة التظاهرات في مكان محدد، وإعداد خطة لتحركات متنقّلة تشغل كل البلاد.
9 تعليق
التعليقات
-
ليسوا فوضويين لكن بحاجة الى بلورةأوافق على أن المتظاهرين ليسوا فوضويين وقد تعرفنا عليهم قبل 25 يناير من على صفحات الانترنت فهم شباب مثقف لكن ان لم يبلوروا عملهم ويحددوا اهدافهم القريبة والبعيدة فستوأد الثورة في مهدها . اما يا أخي رحيل سليمان فلا بد أن تربط الثورة بأهداف قومية وثورية لان هذا ما نامله بمصر أم الدنيا وقد رأيت في لبنان المنتديات الخطابية وصور عبد الناصر تعود من جديد لان هذا ما يربطنا مع مصر العروبة مع تأييدنا الكلي على حق الشعب بالعيش بكرامة مع التحية
-
30 سنة سجنمن المؤكد يا استاذ إبراهيم ان الامور لن تعود الى الوراء كما كانت قبل 25 ك2, وبالتالي يجهد القابضين على النظام بجعل خسائرهم تنزل الى الحد الادنى. عمر سليمان,الذي يتفاوض مع المتظاهرين هو رأس حربة النظام ويسعى الى تمييع الحالة الشعبية. مما لا شك فيه ان نتائج هذا التحرك سوف تنتج سلطة افضل من الحالية ولو لم تلاقي حلم الشباب بالتغيير الشامل. إنها بقعة ضؤ يؤسس عليها عند الشباب المصري الذي اظهر مستوى عال من المسؤولية والوعي.
-
الثورة لا تربح بالنقاط !إذا استعرنا تعبيرات الملاكمة,فإننا نستطيع القول (وللأسف) أن نظام طاغية مصر قد نجا من السقوط بالضربة القاضية في الجولتين الأولى (جمعة الغضب) والثانية (جمعة الرحيل),وهو الأن يستعيد توازنه شيئا فشيئ بعدما تلقى ضربات موجعة أهم أثارها ركن الطاغية في قصره بإنتظار الإذن الأمريكي له بالرحيل إلى أمواله التي سرقها على امتداد 30 عاما !,أما النظام فهو بقي واقفا وفي نيته إكمال المباراة إلى نهايتها. في تونس لم يحصل هذا,كانت جولة واحدة,صحيح أنها طالت شهرا ولكن الثوار لم يدعوها تنتهي إلا بسقوط بن علي وخروجه,وفرض شروطهم التي هي في طور التحقيق بالرغم من بقاء كثير من رموز التبعية للغرب الذين لم يكونو ليبقو لولا أحدهم على رأس الجيش ! أما لماذا حصل ما حصل في مصر,فيجب الإعتراف أنه مثلما إستفادت الثورة المصرية من أختها التونسية فإن النظام التابع لأميركا في مصر إستفاد منها أيضا,وكان سحب الشرطة وإطلاق الآلاف من المجرمين من السجون ورفدهم بفرعه الخاص من البلطجية لكي يردو الثائرين من الساحات إلى بيوتهم ليحموها ضربة معلم وخطة شيطان أعد لها جيدا ونفذها بنجاح أنقذته من السقوط الحتمي,ولولاها كان يمكنكم أن تتخيلو منظر 7 أو 8 ملايين مصري ثائر في شوارع القاهرة ومن كان عندها سيوقفهم ؟! ليس أحمد عز وحبيب العدلي وغيرهم هم الأن كبش النظام بل هو حسني مبارك نفسه الباقي في قصره ليس بعناده فهو قد إستنفز فرصته يوم موقعة "البغل والجمل"!,هو باق ليتلقى اغلبية الغضب الشعبي بعيدا ما أمكن عن أزلام أميركا الباقين الذين لا يختلفون عنه بشيئ ! مشكلة الثورة المصرية هي تشتت الأراء,والإكتفاء بالتظاهر السلمي,وعدم مواصلة الضغط على النظام بطريقة تربكه كاحتلال أهم رموزه الذي يوغل في إيذاء الثورة وهو مبنى التلفزيون! أما مصيبة الثورة وعدوها الأول فهو كثرة أزلام اميركا في قيادة الجيش وأيضا كثير ممن يدعون القيادة أو الحكمة في ميدان التحرير !!,إحذروهم هم العدو,قاتلهم الله كم هم منافقون.
-
السنيورةيا جماعة فؤاد السنيورة ليس سوى تلميذ صغير عند مبارك. و فعل ما فعله... لن يسقط النظام الا بالدم. دم يلون الارض. دم يلون الافق. دم يلون التاريخ. دم يلون الدم التوجه يجب ان يكون الى قصر الفرعون و ليس الى وسائل الاعلام. ده كان زمان!
-
كلامك جواهر يا برهومما يميزك عن الكثيرين ممن نكن لهم إحتراما مماثلاً أنك تتابع لحظة بلحظة ملقياً الضوء ليس فقط على تشخيص دقيق للصورة بل على ما يجب فعله. دائماً هناك تقييم للمحاذير الداهمة وجواباً على "ما العمل؟" ليهتدي بها كل صاحب ضمير وطني وقومي وإنساني. نتمنى لأهلنا في مصر النصر في هذه المعركة الضروس مع المستبدين من أدوات المحور الأميركي الصهيوني الذين يحتالون الآن للتضحية بمبارك وإنقاذ النظام الجاسم على صدر الشعب المصري. يعطيك ألف عافية يا مناضل يا كبير.
-
1000 شهيد فقط؟1000 شهيد لن يسقط نظام دام في الحكم 30 سنة .... بدء وقت بورصة الدم .... او باي باي ثورة....
-
الاعراب مضحكة الامم !!يا استاذ ابراهيم انا لا اعرف هل علينا نحن العرب و الفلسطينيون بالتحديد دعم ما يسمى بالثورة المصرية ؟؟ هؤلاء مجموعة فوضويون لا اهداف واضحة لهم سوى تغيير الرئيس و سيعودون الى بيوتهم لحظة يرحل مبارك !! لم ارى في كل هذه الحشود شعارا واحدا يطالب برفع الحصار عن غزة !! لم ارى شعارا واحدا يطالب بطرد السفير الاسرائيلي من قاهرة المعز !! لم ارى شعارا واحدا يطالب بقطع الغاز عن الصهاينة !! لم ارى شعارا واحدا يطالب بالغاء او على الاقل تجميد اتفاقية العار كامب دايفيد !! لم ارى شعارا واحدا عن فلسطين او القدس او المسجد الاقصى !! فعلا صدق فينا قول الشاعر يا امة ضحكت من جهلها الامم......