مجلس الأمن يشدّد حصار إيران اليوم
نيويورك ـ نزار عبود
استعجلت الولايات المتحدة والدول الأوروبية مشروع قرار العقوبات على إيران بهدف التصويت عليه اليوم بعد وضعه بالحبر الأزرق. لكن الهمس بين بعض الوفود هو أن تقديم موضوع إيران إلى المجلس يرمي في نيويورك، كما هي الحال في فيينا حيث اجتماعات مجلس حكام وكالة الطاقة الذرية، إلى إبعاد التركيز الإعلامي عن الغارة الإسرائيلية على أسطول الحرية، وعن البرنامج النووي الإسرائيلي الذي بات مطروحاً في الوكالة الدولية. الأميركيون كانوا يقولون حتى وقت قريب إن الغاية من القرار الجديد، كما هي الحال في القرارات الثلاثة التي صدرت منذ كانون الثاني 2006، «إظهار موقف دولي موحد حول إيران يخرج بصوت واحد» من شأنه أن يجلب إيران إلى طاولة المفاوضات، إلا أن القرار الجديد سيصدر بمعارضة أو امتناع ثلاث دول أعضاء، هي: لبنان وتركيا والبرازيل.
وإذ يؤكد الروس والصينيون أن القرار لن يطال مصالح شركاتهم التجارية، إلا أن أوساطاً دبلوماسية مطلعة رأت أن القرار الجديد سيلحق أذى بكل تعاملات إيران مع الخارج، ولا سيما أنه يتضمن فقرة مالية تعرقل عمل البنك المركزي الإيراني مع الخارج. وأوضحوا أن الملاحق التي قضت مجموعة الدول الست أشهراً في التشاور بشأنها «فُخخت» بفقرات يمكن تفسيرها بطرق مختلفة تستطيع الدول الغربية تطبيقها، ملحقةً ضرراً في صادرات إيران ووارداتها، وخصوصاً بعد تراجع الطلب على النفط والغاز بسبب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
وفي مقابل الموافقة الروسية والصينية على القرار، أبدت البعثة التركية في نيويورك، برئاسة أرتغرول باباكان، رفضها لطرح مشروع القرار على مجلس الأمن قبل عقد جلسة نقاش مفتوحة علنية، بحضور كامل المندوبين الدائمين. إلا أن الأميركيين عارضوا فكرة الجلسة بصورة قاطعة. وتمسكوا بمشروع القرار على نصوصه وسط انصياع صيني ـــــ روسي صامت للعقوبات. وبعد جلسة مشاورات دامت خمس ساعات، اتفق أعضاء المجلس خلالها على عقد جلسة خاصة مغلقة يمكن أن تحضرها الدول الأعضاء في المنظمة، على أن يكون طلبها الإذن بالتحدث رهناً بموافقة الأعضاء.
وأكدت مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ«الأخبار» أن الموقف الأميركي في جلسة المشاورات المقفلة كان حاسماً بعدم الرغبة في عقد جلسة نقاش مفتوحة، بالرغم من الإصرار التركي والبرازيلي واللبناني على ضرورة ذلك. ووسط إصرار الدول الثلاث، خصصت جلسة المشاورات المغلقة لـ«طرح حوار سياسي». وخلالها حاولت البعثة التركية، إلى جانب البرازيل، شرح أهمية منح الحوار السياسي مع إيران فرصة أطول. وعرضت البعثة التركية بنود مشروع تبادل اليورانيوم الذي قدم في إعلان طهران الشهر الماضي. غير أن الإصرار الأميركي على عدم تغيير مشروع القرار أو التراجع عن التصويت بالحد الأدنى كان مستهجناً، لأنه على عكس المرات السابقة، وحتى في عهد الرئيس جورج بوش، كانت الولايات المتحدة تقبل بمراجعة بنود القرار وتخفيفها كثيراً من أجل تحقيق الإجماع الكامل لأعضاء مجلس الأمن.
ورأى أحد الدبلوماسيين أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تبدو أكثر تشدداً في هذا الخصوص من سابقتها، ولجأت إلى استخدام وسائل ضغط كثيرة بحق دول دائمة العضوية في مجلس الأمن من أجل إصدار القرار الجديد.
وخلال النقاش، كان لافتاً إثارة مندوب دولة غربية مخاوف دول خليجية عربية شكت من «التنازل الذي تبديه الدول الغربية لإيران في مسألة العقوبات بإبقاء العروض لقاء التعاون».
وأهم عناصر القرار الذي يتضمن 38 فقرة، وقدمته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، أنه يثبت القرارات السابقة ويدعو إلى احترام وكالة الطاقة الذرية وقراراتها، بما في ذلك التوقيع على البروتوكول الإضافي. كذلك يرمي إلى منع إيران من تولّي أي أعمال تجارية ذات صلة بالتنقيب عن اليورانيوم وإنتاجه وتخصيبه. ويمنع تزويد إيران بأسلحة وصواريخ ثقيلة. كما يحظر على إيران إجراء تجارب على صواريخ بالستية قادرة على حمل رؤوس نووية «بما في ذلك عمليات الإطلاق التي تستخدم تقنيات صاروخية». ويفرض حظر سفر وتجميد أصول نقدية وعينية بحق أشخاص وكيانات سيتم نشر تفاصيلها في ملحق خاص مع القرار عند التصويت في المجلس اليوم.
وكشف دبلوماسي أن مشروع القرار يستهدف 41 مؤسسة إيرانية وأفراداً بسبب ادعاءات بوجود صلات تربطهم ببرنامج إيران النووي أو الصاروخي. وقال عدد من الدبلوماسيين الغربيين، طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم، إن هناك اسماً واحداً على الأقل من الأسماء التي ستضاف إلى القائمة السوداء الحالية الخاصة بالشركات والأفراد لا يزال محل خلاف، ويمكن إسقاطه من القائمة قبل التصويت اليوم في العاشرة صباحاً بتوقيت نيويورك (الخامسة مساء بتوقيت بيروت).
كذلك يدعو مشروع القرار الدول إلى تفتيش السفن «إذا كانت هناك معلومات تشير إلى احتمال خرقها نظام العقوبات». وينشئ القرار «لجنة خبراء من أجل مساعدة لجنة العقوبات على تأدية عملها». ويدعو مشروع القرار الدول إلى «توخّي اليقظة في التعاملات التي تشارك فيها مصارف إيرانية واتخاذ إجراءات تمنع فتح فروع جديدة»، من دون أن ينسى التشديد على رغبة مجلس الأمن في تعزيز الجهود الدبلوماسية والحوار مع إيران. وأخيراً يمنح القرار الجديد الحكومة الأميركية ضمناً، حرية استخدام البند 311 من قانون باتريوت، الذي استخدمته الإدارة السابقة كأداة ضغط على مصرف «بانكو دلتا آسيا» حين كانت تستخدمه كوريا الشمالية في جزيرة ماكاو. وبموجبه يتعيّن على المصرف المتهم أن يبرهن عن براءته لكي يُستأنف التعامل معه. وإثبات البراءة مكلف الى درجة أن المصارف تؤثر دفع غرامات والتخلي عن التجارة مع إيران، على تكبد نفقات المحاكم والأجهزة القانونية الباهظة التكاليف والمعقّدة.
أنقر لقراءة نص مشروع القرار ولائحة المواد المحظورة