تحيّة تخالها وعداً، لكنّها ليست لك. تذهب إلى نافذةٍ بعيدة ويدٍ صغيرة تكبر في التلويح. لا أحد يأتي. لا أحد يمر. الظلُّ المخبوط في كوب الشاي شعشعَ مرآتك؛ فانتهبتْكَ اللسعة.
■ ■ ■
منذ متى وقُبلتك، تلك، معلّقة في السماء؟.. لماذا هي هناك؟
عذابي الصغير القديم وزفيري الذي ينساهُ الليل.
■ ■ ■
قضمةٌ منسيّة عند «بوفيه الأمانة» منذ الروائحِ الأولى والبللِ الذي لا يبلى
القضمةُ النائمة في الأسنان مَن أورَى لها الزند وعضَّ اللغمَ المخبوء منذ المنديل؟
■ ■ ■
الالتفاتُ عزاء. يدّخرُ في العينين بخارَ نظرةٍ أخيرة.
■ ■ ■
لماذا هذه النظرة تمرّغُ الأفقَ ولا تذعن؟
■ ■ ■
الذي لا يعبر يتخمّرُ في النظرة. تتكفّلُ به جرارُ العين.
■ ■ ■
«صغيرون» لم يخرج من كتابِ الفجر، وما فاهت باسمِهِ الأغنية.
«صغيرون» وتركضُ في حبري بقدمٍ جائعة.
«صغيرون»...
... وأضعتُ الخيط.
■ ■ ■
زُرقةٌ واهنة ويوسُف يعبثُ بالقميص.
■ ■ ■
عينٌ ذاهلة في رمادِ نظرتِها. قاربٌ منسيٌّ يغوصُ في طينِ الجَزْر. ليس. هناك. أحد.
■ ■ ■
«البخنق» يعكفُ معه على تجميعِ أعوادِ الثقاب وفرْكِ رؤوسِها في عينِ قطعةِ الحجر الصغيرة. يضعُ المسمارَ ويقرّب قطعةً أكبر.
ينزلانِ على الكبريت. تطيشُ نارٌ ورائحة.
مذّاك و«البخنق» حمامتُهُ التي في الدُّخان.
■ ■ ■
لم تكن في مثل هذه الوداعةِ قط. تهزّ المنديل كمن تحتُّ غباراً قديماً. نظرتي العالقةُ بين الخيوط تنزلقُ طافيةً.
■ ■ ■
الساحرةُ تتوارى وفي العين أحلامٌ لم تُروَ.
■ ■ ■
اليدُ في الدم. الفريسة سكنتْ إلا. فكّرَ في تقريبِ مرآةٍ تلتمعُ فيها النهاية. الشهوةُ بزغت كأوضح ما تكون. رفرفت الرائحةُ في هواءٍ قليل ثمّ همدت. عينٌ جاحظة سمّرتْها المرآة.
■ ■ ■
كِسرةُ الضوءِ تمضي. يدُهُ مطويّةٌ على حرفِ السياج. يمكثُ هناك، ربّما يمرُّ الحصّادون فترشدُهم حارسةُ الليلِ إلى يدٍ نضجت، وقريباً يمحوها السياج إنْ لم يبادر المنجل.
■ ■ ■
لم تسعفْهُ اللياقةُ الريفيّة. اختطفت الصورةُ فمَه. العدسةُ الخائنة ثبّتتْهُ في مشتهاها ونضّبتْهُ من الحركة. يغمرُهُ الظل من رأسِهِ حتّى قدميه. القميصُ مقدودٌ والعين لم تستردّ نظرتَها.
■ ■ ■
يفرك الكلمة بين يديه حتى يصطبغ بفوحِها. الظلال حولَهُ تتفشّى، وفي السربِ حمامةٌ تائهة.
* شاعر سعودي
قضمةٌ نائمةٌ في الأسنان
- كلمات
- عبد الله السفر
- السبت 12 آذار 2016