خالد صاغيّة
مُجرمو الحرب مُغرَمون بأوراق النعي. أمضوا سنوات طويلة يقتلون، ويفاخرون بالقتل، وينظرون إلى نعاوى قتلاهم ويبتسمون. ارتبطت قدرتهم على الفرح بمشاهد ضحاياهم الدامية، وبالنظر إلى القرى الفارغة من أهلها، ومن أجراس كنائسها. ينظرون ويبتسمون.
مُجرمو الحرب مُغرمون بأوراق النعي. باتوا يرونها في مراياهم المتكسّرة، وعلى جدران المدن التي أحرقتها حروبهم الصغيرة، وفي فناجين القهوة، وفي الصحف التي يقرأونها كلّ صباح.
مُجرمو الحرب يفركون أعينهم عند الغروب، علّ صور قتلاهم تكفّ عن ملاحقتهم.
ذات يوم، صرخ مجرمو الحرب: لقد انقشعت الغشاوة عن العيون. علت صيحات الفرح، وبدأ كتّاب البلاط ومثقّفو الليبراليّة الجديدة يغدقون المدائح على قِيم الإجرام الشريفة. ويتغزّلون بالمواقف الشجاعة، والهامات المرفوعة فوق تاريخ من القتل على الهويّة.
ذات يوم، صرخ مُجرمو الحرب: ابتهج يا شعبنا العظيم. فقد نبتت للمجرمين ضمائر. أحسسنا بها خلال الليل، حين كنّا نحصي الجثث بعدما رمى بنا «العرّاب» خارج الجنّة.
ذات يوم، صرخ مُجرمو الحرب: فلتسقط الأحزاب الشمولية. ولتسقط الأنظمة الشمولية. لقد وُلدنا من جديد. وبالمناسبة، نحن ديموقراطيّون. نحن تقدّميّون. نحن اشتراكيّون. نحن ليبراليّون. نحن كوكتيليّون. اصنعوا لنا الخلطة التي تشاؤونها أيّها الأميركيّون.
مُجرمو الحرب مُغرمون بأوراق النعي. سيكتبونها من الآن فصاعداً باللغة الإنكليزيّة.
مُجرمو الحرب مُغرمون بأوراق النعي. سيعلّقونها من الآن فصاعداً على أعواد المشانق التي ينصبونها.
مُجرمو الحرب تلاحقهم أوراق النعي كاللعنة. فالماضي، مع الأسف، لا يمضي دائماً.
مُجرمو الحرب
- منوعات
- خالد صاغية
- الخميس 7 شباط 2008