دمشق | «كنت أقامر في حياتي يومياً، لكنّ الموت لم ينل مني» بهذه العبارة، لخّص باسل شحادة رحلة قطعها على متن دارجة نارية من دمشق إلى نيودلهي، بعدما سحرته تجربة الثائر تشي غيفارا. غير أنّ المخرج السينمائي الشاب، ومهندس المعلوماتية المتحمّس للانتفاضة أبى إلا أن يكون موعده مع الموت على أرض بلاده، وتحديداً في حمص، حيث قصدها منذ نحو شهرين، ليوثق بالكاميرا ما يحصل هناك، ويتولى تدريب بعض الناشطين على التصوير والمونتاج. وسط هذه الحماسة المحفوفة بالمخاطر، فشلت محاولات الحماية التي قدّمتها إليه عائلته بعد اندلاع الأزمة السورية. هكذا، أصرّ في تموز (يوليو) الماضي على المشاركة في تظاهرة المثقفين الشهيرة التي انطلقت من حي الميدان. بعد ذلك، استطاعت العائلة أن تؤمن له بعثة لدراسة الإخراج السينمائي في الولايات المتحدة الأميركيّة. غير أن نشرات الأخبار، كانت كفيلة بدفعه إلى التخلّي عن أحلامه السينمائيّة، والعودة إلى مناطق التوتر في أحياء حمص، كأن القدر أعاده إلى هذا المكان، ليجد حتفه في بلده أول من أمس في حي الصفصافة في حمص، بعدما عُثر عليه مرمياً بالرصاص.
لم يكن خبر مقتل الشاب مفاجئاً، هو الذي عاش مسكوناً بهاجس المغامرة. اشترى دراجة نارية روسية قديمة، أطلق عليها اسم «لينين»، وخاض رحلة الإثارة من العاصمة السوريّة إلى العاصمة الهنديّة. لم تكن تلك تجربته الأولى في المغامرة والاستكشاف، إذ سبق أن جال في أرجاء المحافظات السوريّة قبل أن يصل إلى رحلته الأخيرة، ويكاد الإعلام السوري لا يلاحظها.
باسل شحادة الذي نال فيلمه التسجيلي «مكابح» جائزة أفضل فيلم ضمن «مهرجان دوكس بوكس» الأخير في دمشق، كان أول سوري يعبر الحدود الإيرانيّة تجاه باكستان براً، بعدما ساعده عمله في الأمم المتحدة على القيام بهذه الخطوة. وفي نهاية رحلته إلى نيودلهي، انتظر ساعات طويلة ليعود محملاً برسالة سلام إلى كل السوريين من زعيم التيبت الروحي، وقلادة توقّع أن تحميه من كل أذى! الشاب ذو الثمانية والعشرين ربيعاً الذي ولد في دمشق ونشأ فيها، ينقل عنه المحيطون به هوسه بالحياة.
وفور انتشار خبر وفاته، امتلأت المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي بالأخبار والتعليقات التي كانت تروي قصصاً عن شاب يضج بالأمل والطموح، لا يعرف اليأس طريقه إليه ولا يخشى المستقبل، لكنّ الرصاص أوقف دوران كاميرا المخرج إلى الأبد. تلك هي حال سوريا هذه الأيام. بين مجزرة ومجزرة، رصاص يردي واحداً من خيرة شبابها في الرحلة الطويلة على درب الجلجلة.
12 تعليق
التعليقات
-
الى فلسطينية الله محيي اصلكالى فلسطينية الله محيي اصلك
-
الى جميع المعلقين الافاضلالى جميع المعلقين الافاضل والذين لا رحمة لديهم آسف لكلامي هذا لان التعليقات استفذتني انا اعرف باسل واهله وباسل قتل على يد الموالين او السلطة والا لماذا منعت اقامة جنازة له في دمشق في الوقت التي كانت هناك جنازة لشاب يدعى جورج وهو ارمني وعسكري ولكن اهله موالين للسلطة وقد اغلقت القصاع وكان تشييعا مميزا الله يرحمه ،في الوقت نفسه كان يجب ان يكون تشييع باسل وإذا بنا نصل الى الكنيسة لنجدها مغلقة ولنجد على الباب ورقة مكتوب عليها يؤجل القداس لاسباب صحية تتعلق بالاهل ولنكتشف ان السلطة منعت الاهل من اقامة الجناز وارسلت كاهن مع الاهل فقط امه وابيه واخته ليدفنوه في حديقة الكنيسة اليسوعية في حمص وقد قطع النت عن دمشق وريفها وكان يوم الاربعاء والسبب ان الشباب دعوا الى تشييع كثيف ولكن الشباب ومن كل الطوائف كانت هناك على الرصيف يصلون بصوت هادئ المسيحيين يتلون ابانا والمسلمون الفاتحة والامن يهتفون الله محيي الجيش .
-
بتفرق كتيرالكاتب يثبت مرة اخرى ان الحقيقة اخر اهتماماته فباسل مات بسبب شظية و ليس برصاص قناص و لكن لا حياة لمن تنادي
-
باسل عريس الوطنباسل فعلاً ما كان "سلمي" و لا كانو الليس معو "سلميين" .. كانو متسلحين بكاميراتهن اللي قهرت القتلة
-
غيفارا ونص !!!لا شك انو كل الشهداء اللي سقطوا وكل الدم السوري غالي علينا .... بس باسل شحادة حكاية وبظن انو السيد وسام ما رثاه بقدر ما حكى عن حياتو .... لأنو حياتو لحالها بتخلي الواحد يحزن ويخجل من حالو... باسل عمل كتير...عمل كتير بحياتو وبشهادتو... يا ريت ما حدا يحكي عن الشهيد البطل بهالطريقة.... شكراً إلك باسل.... شكراً شكراً شكراً
-
فقط تصحيحاً للمعلومة باسلفقط تصحيحاً للمعلومة باسل استشهد نتيجة شظايا من قذيفة هاون سقطت على المنزل وليس برصاص قناص ومثل ذكر في التعليق السابق، المنحة من أميركا كانت بعد أن قدّم فيلمه "هدية صباح السبت"
-
مقالة هزيلةأمام حدث بهذا التأثير، وأمام خسارة بهذا الحجم، وأمام إنسان يحمل هذا القدر من الحياة، يموت فقط لأنه يصوّر، يجب أن نكتب أكثر قليلا مما كُتب في هذه المقالة الهزيلة المهزوزة الضعيفة وغير الواثقة.. باسل استشهد، ولم يتوفاه الله إثر حادث أليم، كما قرّر الأمن أن يقول، وباسل قتل قبل 4 أيام ولم يتمّ تشييعه بشكل لائق حتى الآن فقط لأن قوّات الأمن تمنع ذلك بكل وسائلها المباحة لها، وهي كثيرة ومعدّدة هذه الأيام. لماذا ترفض دفاعات النظام تشييع باسل كشهيد لسوريا؟ يبدو أن باسل يخيفهم في موته أكثر ممّا أخافهم في حياته.
-
تصحيح معلومةالمنحة كانت طالعة لباسل قبل ما يروح عالهند و مو أهله يلي دبروها ابدا, اما عن اجتماع لينين و العرعور, فبلسل وثوار حمص أثبتوا انه هاد الشي أكتر من ممكن... الله يرحمك يا بطل
-
الله يسامحه .. ضروري يسميالله يسامحه .. ضروري يسمي دراجته لينين .. لينين و العرعور لا يمكن ان يجتمعا في حمص هذه الايام !
-
شو الألقاب بمصاري؟؟!!في سوريّة تمّ اغتيال 7000 مواطن، بين عسكري ومدني منذ بداية الأزمة بين أمّيّين ومتعلّمين ومبدعين وعلماء وأساتذة جامعات وغيرهم، ولست أدري لماذا لم يستوقف السّيّد وسام كنعان أحداً منهم في مرثيّة كهذه المرثيّة الّتي يجرّب من خلالها أن يشير إلى ضلوع النّظام السّوري في حادثة مقتل باسل شحادة، وعن سابق إصرار وترصّد والرّجل لم يفعل شيئاً سوى أنّه عاد من الاغتراب على ملا وجهه لكي يشارك إخوانه (السّلميّين) في ثورتهم النّبيلة!!! ما قهرني في المقالة هو عنوانها: باسل غيفارا!!! يعني لو كان باسل شحادة واحداً من المثقّفين الّذين قام (سلميّو) المعارضة بقتلهم ذبحاً ورموا بجثثهم في نهر العاصي، لكان لقبه (هتلر) مثلاً؟؟