كان لغسان تويني لقاء أخير مع الكاميرا قبل رحيله. إنه وثائقي أعدّته رندلى الخوري، وأخرجه فيليب عرقتنجي، ويقدَّم لمرة واحدة الليلة في سينما «متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية، بيروت). Une Terre Pour Un Homme الذي يستعرض محطات من حياة تويني، شاهدناه قبلاً على شاشة LBCI بعد أيام قليلة على وفاة «عميد الصحافة اللبنانية». بعيداً عن مبنى «النهار» المطل على وسط العاصمة الصاخب، نشاهد تويني في فناء منزله الخارجي في بيت مري (المتن)، وكلما ابتعد في الحديقة، غاص في الذكريات أكثر، إلى أن يصل إلى المكان الذي ترقد فيه زوجته الأولى ناديا تويني. خلال هذه النزهة بين الأشجار، يمشي تويني ببطء، ويتكئ على عصاه وعلى المخرج عرقتنجي، الذي سيلازمه في غالبية المشاهد، ما سيحول الفيلم إلى ما يشبه لقاءً إعلامياً مع نجل مؤسس «النهار». يقلّب الصحافي والنائب والوزير الراحل صفحات حياته من دون أن يمنح السيرة العائلية أو المهنية وقتاً كبيراً.
ليس هناك ما يضيفه؛ فالناس يعرفونه ويعرفون والده الذي اغتيل، ويعرفون كل القصص الحزينة... من وفاة زوجته الشاعرة والكاتبة، إلى وفاة أبنائه الثلاثة. سيتوقف قليلاً للحديث عمّن ودّعهم، لكنه سيتكلم أكثر عمّا سيودعه، عمّا بقي له في المنزل الكبير شبه الخالي. سيتحدث عن الأشجار والأرض التي زرعها والأشياء التي جمعها وتعلق بها، وعن حفيدتيه نايلة وناديا. سترصد الكاميرا شهادات آخر شخصيتين ترافقانه في المنزل، زوجته الثانية شادية، وأديل المسؤولة عن المنزل التي لازمت العائلة 48 عاماً. تمرّ الكاميرا على الصور الموزعة في المنزل القديم إلى أن تطالعنا صور من الأرشيف، للزوجة الأولى. طريقة إخراج الفيلم، وعرضه بعد وفاة تويني، جعلاه «رثائياً» لا وثائقياً. خلال الدقائق الـ 40، حاول غسان تويني أن يظهر قوياً رغم تعبه، ومبتسماً رغم أحزانه، وأن يتحدث بلغة العقل لا العاطفة، وأن لا يجيب عن السؤال بالجواب المنتظر: إما لعدم رغبته في الإجابة، أو لأنه يريد أن ينهي كلاماً بدأه. لن يتحدث في السياسة، لكنه سيمرر بعض «اللطشات». لن يتحدث عن أفكاره ومبادئه وقوميته إلا باختصار مَن يتذكّر سريعاً تلك الأيام، أو ربما لأنه لا يريد التحدث عن ذلك. لم يكن عنوان الفيلم فرنسياً فقط (أرضٌ لرجل واحد)، بل حتى اللغة التي يتكلمها تويني خلال الشريط. يسأله المخرج مع ابتسامة رضى: «هل الفرنسية لغة القلب؟» يجيبه ـ«نعم». فالعربية بالنسبة إليه هي لغة السياسة فقط.
Une Terre Pour Un Homme: ــ 7:00 مساء اليوم ـــ ««متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية، بيروت) ـــ
للاستعلام: 01/204080
3 تعليق
التعليقات
-
غسان تويني... اللقاء الفرنسي الاخيرقال غسان تويني انه يرتاح اكثر بالتعبير عن نفسه باللغة الفرنسية. الانسة مجهولة معك كل الحق. ولكن هذا دليل على وضع البلد ولماذا حاله لن تستقر ابدا. البلد يعاني افصام شخصية كما في حال السيد تويني للمفارقة تويني ليس طبيبا او مهندسا الكترونيا وليس فنانا، بل رئيس تحرير صحيفة عربية ويفتخر ان صحيفته اقدم صحيفة عربية في لبنان وما الى ذلك من كلام. ولكن في نهاية الامر حين اراد الصحافي العربي تويني ان يعبر عما في قرارة نفسه بارتياح فهو يعبر بالفرنسي. وجدان الرجل وعقله وقلبه غربي وهو يفتخر بالدستور الاميركي ويعتبر ان دستور اميركي يجب ان يكون مصدر قانون العالم المعاصر. هذه الناس ثقافتها وهويتها وانتمائها وولائاتها غربية وكل كلام مخالف هو طق حنك. متى كانت اخر مرة وقف فيها غسان تويني وامثاله مع قضية عربية محقة؟ ان كان في فلسطين او لبنان والعراق او سوريا او اليمن او مصر او مزارع شبعا او اي نوع من المقاومة لما هو غربي واستعماري. هذه الطبقة البرجوازية عقلها وقلبها اجنبي وغربي. فلا تهتمي بامرهم ولا تركزي عليهم. علينا ان ننهض بانفسنا وببلادنا ولغتنا ولا نهتز لهكذا اشكال لا يمكن ان ترضى عنا مهما فعلنا. هؤلاء يرون الغرب سيدا لهم وهم مجرد خدم لهذا الغرب ويتوقعون من اهل بلادهم ان يكونوا خدما مثلهم للسيد الغربي. بلاهم احسن.
-
لا مش لازم يكون في قانون لهيكلا مش لازم يكون في قانون لهيك شي. في بلد تتعدد فيه اللغات والطوائف والحضارات والشعوب وفي ظل كوكب عالمي ومعولم، يحق لمن يشأ التكلم باللغة التي يشأ. نائبا كان او من سلالتهم.
-
انا حضرت قسم من الفيلم وكتيرانا حضرت قسم من الفيلم وكتير استفزتني اللغة الفرنسية يعني كيف نائب وعيلته وسليلته كلها نواب ببلد عربي ومش عم يعرفوا يحكوا عربي مش لازم يكون في قانون لهيك شي