صحيحٌ أنّ البخاري «مُدمنٌ» على «تويتر»، ولكن تأييده لتغريدات سياسية تضعه في مواجهة ثنائي عون ــــــ الحريري، مؤشر إلى موقفه الحقيقي المُعارض للتسوية الرئاسية. لا يقتصر الأمر على ذلك، بل إنّ الدبلوماسي السعودي يُنفّذ سياسة ضغط على أركان الدولة اللبنانية ويُهوّل عليهم بأنّه إما أن يضعوا حدّاً للمغردين والصحافيين، ويكمّوا أفواه كلّ رأي معارض أو منتقد للرياض، وإلا فإنّ الأخيرة ستُطيح التسوية وترمي بالبلد في المجهول. ويقول أحد أبرز هؤلاء السياسيين إنّ «التسوية كانت قائمة على معادلة انتخاب رئيس جمهورية ووضع قانون انتخابات بشروط حزب الله، مقابل تحييد لبنان عن المسائل الخلافية وتطبيق النأي بالنفس. ولكن مع الكشف عن اتصال عون بـ(الرئيس بشار) الأسد، واستقبال السيد حسن نصرالله لوفد من أنصار الله، انهارت التسوية». السؤال الذي يطرحه السياسي نفسه: «ما البديل من التسوية القديمة؟ هل بإنتاج تسوية جديدة؟ أم إطاحة اتفاق الطائف وتغيير النظام؟ أم عودة العنف والاغتيالات؟».
يُنفذ البخاري سياسة التهويل بإطاحة التسوية
فوّضت السعودية نفسها حقّ الإملاء على لبنان موقعه ومواقفه السياسية. لا تنظر إليه بوصفه «بلداً عربياً شقيقاً»، بل تريد من دولته أن تكون تابعة لها، مُنفّذة لأجندتها، ومؤيدة لمواقفها المعارضة للقضية الفلسطينية وجرائمها في اليمن. وإذا مانع لبنان ذلك، فإنّ السعودية لا تتهاون في استعمال كلّ الوسائل لـ«معاقبته»، بدءاً من تعطيل صفقة تسليح الجيش، مروراً بالتضييق على اللبنانيين في الدول الخليجية، وصولاً إلى إجبار الحريري على تقديم استقالته. على الرغم من ذلك، يُصرّ المؤيدون لها في لبنان على أنّ السعودية «منذ أن انتهت الانتخابات النيابية، تتعرّض لهجوم ممنهج، وتُتَّهم بالتعطيل». ينبري هؤلاء للدفاع عن السعودية وتلميع صورتها، في وقت بات فيه حتّى «المجتمع الدولي» يجد نفسه «مُحرجاً» من القفز فوق إجرام قوات التحالف في اليمن، أو الاعتقالات لناشطات داخل السعودية يواجهن اليوم الحكم بالإعدام. جماعة «أحُبّ الحياة» في بيروت، يُصرّون على أنّهم «مع المملكة، لأنّها لا تزال تدعم منطق الدولة، ولم تُسلّح طائفة بوجه طائفة أخرى». أما ما يحصل في الداخل السعودي أو مجازر اليمن، «فلا مصلحة لنا في رؤيته»!