مقالات مرتبطة
على أي حال، المهم بالنسبة لموديز هو الأثر الذي يصيب سيولة الخزينة، والاستقرار المالي من الأوضاع «المحلية والجيوبوليتيكية» التي بدأت تصبح أكثر فأكثر «غير قابلة للسيطرة». فمن جهة ترى الوكالة أن هناك غياباً واضحاً للإصلاحات المالية التي تحرّر المساعدات الدولية المخصصة للبنان (من مؤتمر «سيدر»)، لكن نظرتها هذه لا تمنعها من الحفاظ على تصنيف لبنان الحالي «على افتراض أن الحكومة ستتألف قريباً وتتمكن من القيام بإصلاحات مالية وتحرير أموال مؤتمر «سيدر» العالقة والتي تؤمن بدورها دعماً لنمو الناتج المحلي الإجمالي وتخفف من مخاطر السيولة». لكن يبدو تشاؤم الوكالة واضحاً في الأرقام والتوقعات «فمن دون أي حكومة سيرتفع عجز الخزينة إلى 10.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع ما كان متوقعاً في فترة سابقة عند مستوى 8.9%».
ومن جهة ثانية، على رغم قدرة مصرف لبنان على الحفاظ على مستوى معين من الاستقرار المالي على رغم الاختلالات الاقتصادية ومن خلال تجارب سابقة خاضها في ظل موجات كبيرة من التوتّر السياسي «إلا أن فعالية سياساته قد تتقلّص».
هكذا يأتي قرار «موديز» بتعديل النظرة المستقبلية للبنان إلى «سلبي» انسجاماً مع ارتفاع مستوى التوتّر المحلي وأثره على لبنان. في رأيها أن هذه التوترات «تضغط بدورها على التدفقات الرأسمالية وعلى التزامات الجهات المانحة، وتداعياتها ملحوظة على قدرة لبنان في الحفاظ على الاستقرار المالي وخدمة الدين العام بكلفة مستدامة».
انخفاض موجودات مصرف لبنان الصافية بالعملات الأجنبية يشير إلى درجة أعلى من الهشاشة
وعلى صعيد المخاطر الجيوبوليتيكية، تشير موديز إلى أن «انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق مع إيران ثم إقرارها عقوبات جديدة على حزب الله تستهدف ليس فقط الجسم السياسي والعسكري للحزب، بل تشمل أشخاصاً في الخارج، وحكومات معروفة بتقديم المساعدة والدعم لحزب الله. هذه العقوبات الثانوية، يزيد عدم اليقين بين المستثمرين والدول المانحة التي انخرطت في دعم لبنان».
في الشق المتعلق ببنية النظام المالي، ترى الوكالة أن عجز الخزينة سيتوسع أكثر مما كان متوقعاً، ما يرفع أعباء الدين. ويأتي هذا الأمر فيما تتباطأ ودائع المصارف التي تشكل قناة التمويل الأساسية للحكومة. وتتوقع الوكالة أن تنمو الودائع بنسبة 3% في عام 2018، أي ما يوازي 5 مليارات دولار بدلاً من 6.5 مليارات دولار كانت متوقعة، وأقل من عجز الخزينة البالغ 6 مليارات دولار.
وتشير موديز إلى أن «انخفاض موجودات مصرف لبنان الصافية بالعملات الأجنبية يشير إلى درجة أعلى من الهشاشة ومخاطر الاستقرار المالي. سيبقي عجز الحساب الجاري أعلى من 20% في السنوات المقبلة، وقد تراجع معدل كفاية الاحتياطات بالعملات الأجنبية إلى 13 شهراً من الاستيراد، فيما بلغت نسبة الاحتياطات إلى الكتلة المالية بالليرة 65%».