في المقابل، تعمّد رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو أيضاً الحديث عن أولويات إسرائيل في هذه المرحلة. وأعلن في جلسة الحكومة أمس تحديد ثلاثة أهداف للجيش والأجهزة الأمنية: «وقف المشروع النووي الإيراني، منع إيران من تزويد أعدائنا بسلاح دقيق يشكل خطراً علينا، ومنع تموضع إيران وأذرعها عند حدودنا. ونحن ننفذ هذه الغايات، بعضها بصورة علنية وبعضها بصورة غير مكشوفة. ونحن مصرون على الحفاظ على أمن إسرائيل». في ذات السياق، عمد مصدر أمني رفيع (أكدت مصادر إعلامية إسرائيلية مطلعة أن المصدر هو نتنياهو نفسه) إلى تفسير هذا الترتيب بالقول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي «أمر بتغيير سلّم الأولويات التي تتعلق بمواجهة إيران»، مضيفاً أن «إحباط البرنامج النووي الإيراني يبقى على رأس سلّم الأولويات، ولكن بعد ذلك، في ضوء التطورات، يأتي في المرتبة الثانية هدف وقف مشروع الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله، وبعد ذلك فقط يأتي منع إيران من التموضع العسكري في سوريا ولبنان والعراق واليمن وغيرها».
نتنياهو: منع مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله أولويتنا بعد منع «النووي الإيراني»
في الإطار نفسه، حضرت الرسائل الميدانية والسياسية المتبادلة بين الطرفين، في قراءة تناولها معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، موضحاً أن الهجوم في الضاحية الجنوبية شكل تجاوزاً لخط أحمر، لكونها العملية الإسرائيلية الأولى منذ حرب عام 2006، في الأراضي اللبنانية. في المقابل، لفت المعهد إلى أن عملية أفيفيم «غايتها منع إسرائيل من إملاء قواعد لعبة جديدة واستئناف غاراتها في الأراضي اللبنانية بشكل دائم، مثلما تفعل في سوريا والعراق، وتمكين حزب الله من مواصلة عملية تعاظم قوته العسكرية». وأضاف معدو التقرير أن «حزب الله يتطلع إلى إرساء المعادلة التي أنتجها رده». وبموجبها، المطلوب من إسرائيل «إعادة التفكير في حدود «المعركة بين حربين»، استناداً إلى ما أعلنه حزب الله من أن أي عملية أخرى تنفذها في لبنان قد تقود إلى رد من الحزب».
المعطى الأهم في الداخل الإسرائيلي الذي كشف مستوى الإحراج الذي تعرض له نتنياهو في أعقاب عملية الرد الصاروخي ضد آلية عسكرية قرب مستوطنة أفيفيم، انعكست في محاولة ترويجه خلال لقائه مع المراسلين العسكريين، بأن الاتصالات والرسائل التي وجهها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى الولايات المتحدة وفرنسا ومصر، وعبرها إلى إسرائيل، كانت في أعقاب رسائل تهدئة وجهها إليه الأمين العام لحزب الله، وهو ما لم يزعمه حتى خصوم حزب الله في لبنان. ويكشف لجوء نتنياهو إلى ترويج هذه المقولة في الداخل الإسرائيلي، محاولته التعويض على مستوى الصورة، بعدما بدت يد المقاومة في الميدان أنها العليا، فيما بدا جيش الاحتلال الإسرائيلي منكفئاً في مقابل توثب المقاومة واندفاعها للرد في العمق الإسرائيلي.