«الغضب الساطع» من عكار لم يكن أقل حدة في إفتاء جبل لبنان. مجلس دائرة الأوقاف الذي عُيّن نهاية حزيران الماضي، حكمه انتماء غالبية أعضائه إلى بلدة شحيم، مع تجاهل كتلة الهيئة الناخبة في باقي بلدات إقليم الخروب، ولا سيما برجا. أبرز المعترضين ابن برجا مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو. وبعد أن وصلت الاعتراضات الى وادي أبو جميل، «استدعى الحريري مجلس الأوقاف المعيّن وعدداً من المشايخ وعاتبهم على موقفهم السلبي، محمّلاً إياهم المسؤولية عن الشكاوى المادية التي يرفعها أهل الفتوى. ودعاهم الى حسن استثمار الأملاك التابعة للأوقاف للإنفاق على أمورهم»، قال المصدر. لكن أحد المشايخ بادره بعتب مضاد، مشيراً الى الديون المستحقة لبعض مجالس الأوقاف، ولا سيما في صيدا وبيروت، من المستأجرين الذين لا يدفعون بدلات الإيجار منذ سنوات وسكتت عنهم الأوقاف لأنهم محسوبون على تيار المستقبل. ففي بيروت وحدها، تبلغ قيمة الإيجارات المستحقة غير المسددة حوالى مليار و300 مليون ليرة.
زكريا والرفاعي الأوفر حظاً لتولّي منصب مفتي عكار بمباركة من الحريري
وقْفا عكار وجبل لبنان شكلا نموذجاً لخطة إدارة دريان لمعركة مفتي المناطق التي لم يحدَّد موعدها بعد، إذ إن المرشح الأكثر نفوذاً لإفتاء عكار بين مستقبليي عائشة بكار، هو الشيخ خلدون عريمط (69 عاماً) المحسوب على الرئيس فؤاد السنيورة، والذي تقاعد من القضاء الشرعي أخيراً. لكن نفوذه لا يعني أنه الأوفر حظاً، لأن ترشيحه لاقى اعتراضاً كبيراً من المشايخ. ففي المحافظة الشمالية، ترتفع أسهم كل من المفتِيَين السابقَين زيد بكار زكريا وأسامة الرفاعي، بصفتهما الأوفر حظاً لتولي منصب مفتي عكار، كونهما ممن يرضى عنهم الحريري.
في المقابل، رفع مجلس أوقاف جبل لبنان حظوظ ابن شحيم القاضي الشرعي رئيف عبد الله التوافقي بين المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، في حين أن الجوزو كان قد تلقّى وعداً من الرئيس سعد الحريري بدعم ترشيح نجله القاضي هاني الجوزو لهذا المنصب. مفتي البقاع الشيخ خليل الميس ينتظر من الحريري الوفاء بوعده له بدعم صهره القاضي طالب جمعة لمنصب المفتي، فيما تفرض التوازنات في بعلبك الهرمل اختيار مفت توافقي.
على غرار الأوقاف، لا يحتاج المستقبل إلى كثير جهد في تركيب مشهد إفتاء وأوقاف بيروت وصيدا وصور وحاصبيا - مرجعيون. بداية العام الجاري، مدَّد لمجلس أوقاف بيروت. وقبل عام، مدّد لثلاث سنوات لأوقاف صيدا برئاسة مفتيها الشيخ سليم سوسان الذي لم تتوافق النائبة بهية الحريري والسنيورة والجماعة الإسلامية على اختيار بديل له.
القنبلة التي قد تنفجر بين يدي دريان، هي إفتاء طرابلس، حيث يكثر الطباخون واللاعبون. وفق مصدر مواكب، تمنّى عدد من المشايخ على دريان عدم تثبيت قائمقام إفتاء طرابلس الشيخ محمد إمام في منصبه «لأنه وهابيّ التوجّه»، في حين أن هيئة علماء المسلمين تقف بالمرصاد أمام المستقبل لفرض تسميتها للمفتي الجديد. لكن الخلافات في توجهاتها بين مستقل وسلفي، تؤثر على التوافق.