مصادر وزارة الصحة قالت إن الوزارة، شأنها شأن الكثير من الجهات الصحيّة في العالم، أبدت حذرها في تبني الدواء كبروتوكول علاجي. ولفتت إلى «أننا لم نمنع استخدامه في المُقابل وسعينا إلى استقدام بعض العينات منه». بمعنى آخر، لم تتبنّ الوزارة الدواء رسمياً، لكنها «رعت» استخدامه في «التجارب» التي كان يفرضها مسار اكتشاف الفيروس.
إلّا أن ما أعلنته منظمة الصحة العالمية، أمس، حول هذا الدواء من شأنه أن يرفع منسوب الحذر الواجب في التعاطي معه. إذ أعلنت المنظمة، استناداً إلى تحليل أربع تجارب سريرية دوليّة تضم أكثر من 7000 مريض، أنها لا توصي باستخدام عقار «رِمديسفير» للمصابين بـ«كوفيد-19»، بغضّ النظر عن شدّة حالتهم، «إذ لا يوجد حالياً أي دليل على أنه يزيد فرص النجاة أو يجنّب وصل المريض بجهاز التنفس الاصطناعي». فضلاً عن ذلك، أشار خبراء المنظمة إلى إمكان حدوث «آثار جانبية كبيرة» لهذا العقار على المرضى. هذا الإعلان يتعارض مع «الحماسة» التي أبداها فاوتشي في أيار الماضي عندما أعلن أن «رِمديسفير أظهر أثراً واضحاً في مساعدة مرضى كوفيد - 19، وفي تسريع فترة تعافيهم». علماً أن وكالة الدواء والغذاء الأميركية FDA، كانت قد سمحت باستخدام العقار في الحالات الطارئة.
لا يوجد أيّ دليل على أن الدواء يزيد فرص النجاة أو يجنّب وصل المريض بجهاز التنفّس
توصيات منظمة الصحة صدرت بعد التشاور مع لجنة الخبراء التابعة لها، والتي نشرت استنتاجاتها في مجلة «بي إم جي» الطبيّة. ويشير هؤلاء الخبراء إلى «إمكان حدوث آثار جانبية كبيرة» لهذا العقار، فضلاً عن «كلفته المرتفعة نسبياً».
و«رمديسفير» دواء تجريبي مضاد للفيروسات طوّرته «غيلياد ساينسز» الأميركية في البداية كعلاج ضد فيروس إيبولا عام 2015، ثم طُرح في الكونغو الديمقراطية لكنه فشل كعلاج فعّال. بعد انتشار وباء كورونا، حاولت «غيلياد» تقديم العقار كعلاج ضد الفيروس، وبناءً على دراسة واسعة في نيسان الماضي أجريت في الولايات المتحدة عبر معاهد الصحّة الأميركية NIH، شملت 1036 مريضاً في 47 موقعاً في الولايات المتحدة، و21 في أوروبا وآسيا. تعافى المرضى الذين عولجوا بـ«رمديسفير» خلال 11 يوماً، بدلاً من 15 يوماً. لكن معدّل الوفيات بقي نفسه تقريباً مقارنة مع إعطاء دواء وهمي. تفاؤل فاوتشي الحذر بالعقار يومها، انعكس على وسائل الإعلام الأميركية التي هلّلت للدواء. كذلك، افتتحت الأسواق المالية على ارتفاع بسيط في المؤشرات، ومن ضمنها أسهم شركة «غيلياد»، بعدها حصلت الشركة على ترخيص استخدام طارئ للعقار من الـFDA. ومضاد الفيروسات هذا كان من بين العلاجات التي خضع لها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد إصابته بالفيروس في تشرين الأول الماضي. اللافت هنا، أنه بموازاة الدراسة الأميركية في حينها، نشرت مجلة «ذي لانسيت» الطبية البريطانية، نتائج متعارِضة مع نتائج «غيلياد». وجاء في ملخّص الدراسة التي أُجريت على 237 مريضاً في مدينة ووهان الصينية، أنّ «العلاج بواسطة رمديسفير لا يسرّع الشفاء، ولا يخفّض نسبة الوفيات».
تجدر الإشارة إلى أن منظمة الصحة، إضافة إلى «رمديسفير»، قيّمت كلاً من الأدوية التالية: الهيدروكسي كلوروكين، واللوبينافير/ريتونافير، والإنترفيرون. وتبيّن أن تأثيرها كان ضئيلاً أو معدوماً على إجمالي الوفيات، وبدء التنفس الاصطناعي، ومدة بقاء المرضى في المستشفى. وتشير إلى أنه، حتى الآن، لم تثبت إلا فعّالية الكورتيكوستيرويدات في علاج حالات «كوفيد- 19» الحرجة، بحسب ما نشرته المنظمة على موقعها الإلكتروني.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا