تقول مصادر لجنة الأشغال إن طلب العليّة منها تفسير قرار مجلس الوزراء «هرطقة»
يشير المدير العام للمناقصات في حديثه إلى «الأخبار» الى أن ثمة «تعميماً قديماً يقول بأن أي خلاف بين مدير عام ووزير يجري عرضه على مجلس الوزراء». لكن المجلس لا يجتمع؟ يلفت العلية الى أن لجنة الأشغال العامة النيابية سبق أن «ناقشت الحصول على موافقة استثنائية من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، لكني أبلغتهم أن لا شيء اسمه موافقة استثنائية في الدستور أولاً، وأن مسألة موافقة الرئيسين على حصر المناقصة بالشركات العالمية حصراً وإقصاء الشركات اللبنانية سيكون له تداعيات معنوية غير سهلة». إذاً، ما الحلّ؟ يؤكد المدير العام لإدارة المناقصات أن مكان الحل هو في لجنة الأشغال التي تمثل كل الأطراف. وبالتالي يفترض أن تجتمع اللجنة لتتوافق على قرار أو توصية تؤكد فيها حصر المناقصة بالشركات العالمية. ذلك هو المخرج القانوني المتاح، عندها «أنا ألتزم وأطلق المناقصة كما يريدون بعد إعطائي رأياً في اللجنة. وليتحمّلوا هم هذه المسؤولية على قاعدة اللّهم اشهد إني بلّغت»، يقول العلية، علماً بأن لا مشكلات بين المناقصات والطاقة، لا بل إن «الوزارة متجاوبة الى أقصى الحدود وطبقت كل ما طلبناه». رغم ذلك، عُلّق التفاهم على تفسير قرار مجلس الوزراء الذي صدر أصلاً بناءً على طلب وزارة الطاقة، لأنه «لا يمكن أن يكون موقف إدارة المناقصات استبعاد الشركات اللبنانية، فالأمر مخالف للدستور الذي يكفل المنافسة، كما أنه غير منطقي في وضع اقتصادي مماثل يحتّم علينا تأمين فرص عمل للشركات اللبنانية».
أما مصادر وزارة الطاقة، فتعتبر التجربة السابقة غير مشجعة، وأن ائتلاف الشركات العالمية مع شركات لبنانية تمثلها هنا، بمثابة فتح الباب على بازار العمولات. حجة تبدو، بالتجربة، غير مقنعة، بما أن الشركتين موضوع التحقيق في الفيول المغشوش ــــ أي سوناطراك وZR Energy ــــ ليستا مسجلتين في لبنان، وكان المتعاقد المباشر (سوناطراك) يشتري من المورِّد (زد آر إنرجي) الذي لا يتحمل مسؤولية لأنه يبيع المتعاقد ولا يبيع الدولة. ويسأل العلية: «لو كان هناك شريك محلي في العقد محددة حقوقه وواجباته وقامت الوزارة والمؤسسة بدورهما الرقابي هل كان حصل ما حصل؟». ويصرّ على أنه قرأ القرار الظني والاتهامي عدة مرات، والمشكلة لم تكن في العقد بين لبنان و«سوناطراك» الذي يصفه بالنموذجي، بل في تطبيقه وفي التلاعب بالعيّنات عند تسلّمها. لذلك عرض على «الطاقة» تشديد الشروط والمسؤوليات في دفتر الشروط وأن تكون الشركتان العالمية واللبنانية مسؤولتين بالتكافل والتضامن، وأن يكون هناك إمكانية محاكمة لهما في القانون اللبناني إلى جانب التحكيم الدولي حتى تظلّ إمكانية الملاحقة متاحة.
من جانبها، تتمسك وزارة الطاقة بموقفها الرافض لإشراك شركات لبنانية معلّلة الرفض بأنها إرادة مجلس الوزراء.
«رأي العلية هو المشكلة بعينها»، وفقاً لمصادر في لجنة الأشغال النيابية، إذ يتعذّر عليها القيام بما يقترحه لأن ثمة فصلاً بين السلطات، وبالتالي مجرد موافقتها على تفسير قرار مجلس الوزراء هو «هرطقة»، ويعطّل الدور الرقابي اللاحق لمجلس النواب. فالمجلس نفسه منح الثقة للحكومة لتقوم بدورها التنفيذي الذي قامت به عبر إصدارها القرار، ولكن المدير العام لإدارة المناقصات يستغل تصريف الأعمال اليوم لتمرير ما يريده. ووفقاً للمصادر، فإن الحكومة واضحة بقرارها إجراء عقد مباشر لشراء المحروقات من الشركات العالمية المُنتِجة للبترول من دون المرور بسمسرات ووساطات. وبصورة أوضح، فإن الشركات العالمية ليست محددة بجنسيتها، بل بحسب مصطلحات معروفة هي NOC وIOC. الأولى تعني الشركات الوطنية المنتجة للنفط أي المملوكة من الدول، إلا أن العلية فسر مصطلح «وطنية» في غير قصده، فاضطرّ مجلس الوزراء إلى حذف هذه الكلمة حتى لا تكون شركات تجار المازوت قد خرجت من «شبّاك» سوناطراك لتدخل من باب إدارة المناقصات. أما المصطلح الثاني فيعني الشركات العالمية المنتجة للنفط غير المملوكة من الدولة. وتشير الى أنه لا مانع من دخول أي شركة لبنانية إذا كانت منتجة للبترول ولديها مصفاة للنفط ويتم إيضاح هذا الأمر جيداً في دفتر الشروط. ولكن أن تكون الشركة اللبنانية موازية لعمل السماسرة الذين يتقاضون عمولات تمويل سياسي ويتم تخفيض حجم الأعمال بطلب من إدارة المناقصات من نحو 25 مليار دولار الى مليارين يعني أن ثمة نياتٍ مبيّتة. تختم المصادر أن طلب العلية من لجنة الأشغال غير قابل للحصول، ولا يمكن في المقابل إقصاء أي شركة لبنانية بقرار رسمي لأنه سيكون موضوع طعن في مجلس شورى الدولة.