الاحتياط المالي يفترض أن يكون مال الناس، كما حال الذهب، الذي لا يوجد تأكيد واحد حقيقي على أنه لم يمسّ
وعلى إيقاع رفع الجهات الأمنية تقارير عن ارتفاع معدل الجرائم والسرقات والانتحار في شكل تصاعدي، أليس غريباً أن يحتمي رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب برؤساء الحكومات السابقين، فيصدر بياناً تلو الآخر رداً على مطالبته بتفعيل عمل الحكومة المستقيلة من أجل تسيير شؤون المواطنين؟ التيار الوطني الحر يرى أن رئيس الجمهورية ليس مسؤولاً «عن السلطة التنفيذية» في كل ما يجب أن يجري من إدارة يوميات الناس. لكن مسؤولية رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المستقيلة والرئيس المكلف ومعهم جميع قيادات الصف الأول، ليست في «تبليع» اللبنانيين على مدى أسابيع ارتفاع سعر البنزين والدواء ورفع الدعم تدريجاً، حتى يتجرّع اللبنانيون سمّ الاهتراء رشفة رشفة، فيرتضون ارتفاع السعر من دون إثارة أي ضجة. مسؤولية هؤلاء، ومعهم بكركي التي احتضنت قبل يومين رئيس جمعية المصارف سليم صفير في احتفالية وقحة، هي أن الاحتياط المالي يفترض أن يكون مال الناس، كما حال الذهب، الذي لا يوجد تأكيد واحد حقيقي على أنه لم يمسّ. لأن خوف اقتصاديين وسياسيين لا يزال ينحصر في أن يصبح عنواناً مشابهاً لعنوان الاحتياط المالي، و«مشاعاً» تستعمله الطبقة الحاكمة، المالية والسياسية، للترويج لفكرة الحلول الموقتة خوفاً من الانهيار الكبير، على أمل إجراء الانتخابات وتغيير شكل المجلس النيابي في اتجاهات ترويجية غير واقعية. فأموال الناس وذهبهم باتت اليوم صندوق احتياط السياسيين تمهيداً لموسم الانتخابات، وهم الذين تعوّدوا منذ أن تسلّموا مراكز القيادة أن يهبهم الناس، (وللكنيسة)، الذهب والمال، كي يبقوا رؤساء أحزاب وقوى سياسية ومالية تمعن في نهب المال العام عادة، والخاص منذ سنتين الى اليوم. والناس الذين سيذهبون الى صناديق الاقتراع، يتحمّلون مسؤولية الاستهتار بما يجري، إلا إذا كانوا قادرين حقيقة على أن يدفعوا مليون ليرة على الأقل في الشهر ثمن أربع صفائح بنزين، ومعها مليون مماثلة ثمن فاتورة المولد عند رفع الدعم، ويعيشون من دون مستشفيات وأدوية. هم يتساوون، ربما، في المسؤولية مع السياسيين المطمئنين الى مستقبلهم، وبالأخص مستقبل أولادهم الذين لن يروهم مسافرين إلا للسياحة، وحكماً لن يروهم معلّقين على حبل مشنقة اليأس.