وحتى الساعة، لم يبدأ التشاور بعد بين الكتل النيابية حول اسم أي مرشح، باستثناء بعض الأسماء التي تطفو مباشرة عند تشكيل أي حكومة جديدة، كالسفير نواف سلام والنائبين نجيب ميقاتي وفيصل كرامي. تضاف إلى ذلك عودة اسم المدير العام لشركة خطيب وعلمي، سمير الخطيب، إلى التداول مرة جديدة. في ما يعني سلام الموجود اليوم في بيروت، لا تزال المشكلة كما كانت قبيل سنة ونصف سنة: لا معارضة حقيقية لاسمه من التيار الوطني الحر والحزب الاشتراكي وتيار المستقبل، فيما يتحفظ حزب الله على اسمه لأن أساس اختياره آنذاك جاء على أساس أنه مرشح مواجهة برعاية أميركية وسعودية، وليس كمرشح توافقي.
أما على مقلب ميقاتي، فثمة رأيان: الأول يقول إنه يرفع سقف شروطه حتى لا تكون التنازلات كبيرة، خصوصاً أنه المرشح الأقوى والوحيد لدى سعد الحريري ونبيه بري، كما أنه يتمتع بـ«وجه دولي»، بمعنى أنه يحظى بغطاء فرنسي وله علاقات أميركية وعربية قوية، لكنه لن يفرط فيها اذا لم يحصل على ضمانات خليجية وأميركية، بإطلاق يديه في عملية التشكيل واجراء اصلاحات في القطاعات المالية، وبالحصول على دعم مالي دولي. كما تردّد أن ميقاتي طلب ضمانات من بري بإقناع حزب الله باسمه، ليقوم الحزب بدوره بإقناع كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل به، علماً بأن عون وباسيل يرفضانه بشدّة. من جهة أخرى، تؤكد مصادر مطلعة أن ميقاتي «عايز ومستغني»، وقد أبلغ من يعنيهم الأمر عدم رغبته في رئاسة الحكومة في عهد ميشال عون، خصوصاً أنه نقل عمل شركاته من بيروت إلى دبي ولندن. وهو يشير في مجالسه الى أن «خسائر تسلم الحكومة في ظل الانهيار أكبر بكثير من الأرباح».
لم يجد أحد في الجمهورية نفسه معنياً بالردّ على السفير الألماني أو الاحتجاج على تدخله في الشؤون اللبنانية
كذلك يجري التداول باسم كرامي كمرشح توافقي، رغم عدم جلاء موقف الحريري منه، ورغم اتصال الأخير به الاسبوع الماضي بعد اعتذاره عن عدم تأليف الحكومة.
أما سمير الخطيب، فيجري التداول باسمه على نطاق ضيق، على قاعدة أنه قد يمثّل مرشّح توافق يحظى برضى سعودي، لترؤس حكومة برنامجها محصور بأمرين: إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، وتمهيد الأرضية للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. وهذا «البرنامج» يعني استمرار الازمة التي تعيشها البلاد، من دون خطة إنقاذ.
أمام هذه المعطيات، تشير المصادر الى سيناريوين اثنين في خلال الأسبوع الجاري: الأول، محاولة عون في الأيام المقبلة الوصول الى توافق حول شخصية ما تحظى برضى كل من حزب الله وحركة أمل والحريري وجنبلاط، رغم ترجيح استحالة ذلك قبيل انقضاء عطلة عيد الأضحى. وتتوقع المصادر عندها تأجيل الرئيس للاستشارات الى موعد آخر ريثما تنضج المفاوضات، ولا سيما أنها لا تقتصر على اسم رئيس الحكومة، بل الأساس فيها هو وظيفة الحكومة التي ستتشكل. وحسم هذا الأمر يسهّل تسمية رئيسها، فيما السيناريو الثاني يقوم على ما يشير اليه رئيس الجمهورية بتلبيته دعوة الجميع الى استشارات في أقرب وقت، والقبول بنتائج التصويت كيفما أتت، من دون اتفاق مسبق. لكن لهذه الفرضية مشكلة تتمثل في أن الفائز بأكثرية ضئيلة لن يتمكن من التشكيل، ما يعني فعلياً العودة الى النقطة الصفر: تأجيج المشكلات و... انهيار مضاعف.